الإدارة المحليّة في سورية تجربة متعثّرة
تحتاج إلى مراجعة شاملة مع المرسوم الجديد 107
- عبد الرحمن تيشوري
- خبير ادارة عامة
- استشاري وكاتب وباحث
مفهوم الإدارة المحليّة / هي فرع وجزء من الادارة العامة للمجتمع .. باختصار شديد انّ مبدأ الإدارة المحليّة تولّد عن أن هنالك خدمات عامّة واحتياجات محليّة لا يفهمها ويقدّر أهميّتها تماماً ولا يقدر أن ينفّذها إلاّ سكان تلك المحلّة ( البلدة – المدينة – الضيعة – القرية ) .. الذين هم أدرى بهذه الخدمات والاحتياجات.
وأن سكّان تلك المحلّة من بلدية أو مدينة أو ضيعة أو … هم أصحاب المصلحة الحقيقيّة في تطوير منطقتهم ولذلك يجب أن تكون في المنطقة سلطة محليّة تمنح الصلاحيّة الكافية لتحقيق أهدافها وإدارة شؤونها.
لماذا جوانب الخلل كبيرة في الإدارة المحليّة في سورية قبل الحرب وخلال فترة الحرب ايضا نفس الخطاب زمن السلم وزمن الحرب ..
من يقرأ صحفنا اليوميّة ومواقعنا الالكترونية وصحفنا العامة والخاصة (تشرين- البعث- الثورة – الوطن وووو) باب شكاوى المواطنين يلاحظ حجم التقصير والاهمال في أداء المجالس المحلية والبلديات بدءاً من لجان الأحياء وصولاً إلى أعلى هيئات الإدارة المحليّة. ومن يقرأ ردود المجالس المحليّة والبلديات والتبريرات والتسويفات على احتياجات الناس ومطالبهم يكتشف الكمّ الكبير من المعالجات الروتينيّة والوعود الجوفاء التي تُنقل من عام إلى عام ومن موازنة إلى موازنة!!.
ولعلّ مناطق السكن العشوائي ومناطق المخالفات وعجز المواطنين عن تأمين المسكن المناسب هي أدلّة وبراهين كبيرة على قصور المجالس المحليّة وعدم اهتمامها بإيجاد الحلول لحاجات الناس الأساسيّة.
يجب إعادة النظر بمجالس الإدارة المحليّة وتنفيذ جيد لروح المرسوم الجديد 107
وبعمل أجهزة الإدارة المحليّة باتجاه التطوير والتفويض والتمويل وجذب كفاءات عالية
لقد جعل القانون الوحدات والهيئات الإداريّة في كلّ المستويات مسؤولة عن كلّ الشؤون التي تهمّ المواطنين في هذه الوحدات مباشرة والسؤال الذي يطرح اليوم بعد ثلاثين عام من تجربة الإدارة المحليّة هل تقوم الهيئات المحليّة فعلاً بما نصّ عليه القانون؟
الجواب طبعاً لا، لذلك نظنّ أنّه حان الوقت إلى إعادة تقويم تجربة قانون الإدارة المحليّة لنعرف أين فشلت الهيئات والمجالس الإداريّة وأين نجحت ولماذا؟؟
وعملية المراجعة لتصويب التجربة أمر مهمّ جدّاً لأن التجربة تمسّ جميع الناس في حياتهم اليوميّة. وكان من المفروض مراجعتها منذ زمن بعيد لأن التطبيق يُبرز مشاكل كبيرة ويجب أن يصل التطوير والتحديث إلى هذا المجال لكي تكون مسيرة التطوير والتحديث شاملة لكلّ جوانب حياتنا والإدارة المحليّة جانب هام يجب عدم إغفاله وتركه للقائمين عليه بمفردهم!!
أسباب فشل المجالس المحليّة السورية والبلديات :
هناك أسباب كثيرة لفشل المجالس المحليّة في القيام بدورها أهمّها عدم وجود القيادات الكفؤة والخبيرة في مجال عمل المجالس المحليّة والمهمّ اليوم ونحن على أبواب مرحلة جديدة من عمل الإدارة المحليّة أن نقوم بتقويم قيادات المجالس المحليّة ومستوى الأداء في هذه المجالس ووضع أسلوب جديد لعمل الإدارة المحليّة يحاسب في النهاية أعضاء المجالس على عدم قيامهم بواجبهم والاّ لما أصبحوا أعضاء في المجلس وكم عدد الذين وصلوا إلى المجالس المحليّة بهدف الصالح العام!؟.
وقد تكون أحد الأسباب هي ضعف الموازنة وقلة السيارات والاعتمادات أو تداخل الصلاحيّات وقد يكون التشريع نفسه.
لكن بشكل عام أقول إنّ إصلاح نظام الإدارة المحليّة في سورية أصبح ضرورياً جدّاً لأنّه الأداة الفعّالة لتنفيذ خطط الدولة واعادة الاعمار والاصلاح ويجب اعادة النظر بقانون الإدارة المحليّة ليصبح أكثر تقدّماً ويأخذ بعين الاعتبار المتغيّرات المتسارعة محليّاً واقليميّاً ودوليّاً تشريع يوفّر السرعة في اتّخاذ وتنفيذ القرارات الخاصّة بحاجات المواطنين. / نرجو تطبيق جيد للمرسوم 107
تشريع يُحفّز الخبرات للعمل ضمن عضويّة المجالس المحليّة – تشريع مرن قادر على المبادرة تشريع يحفّز القيادات الواعدة تشريع يقضي على البيروقراطيّة وكثرة الإجراءات والورقيات تشريع ينسجم مع طريقة تفكير قائدنا الشاب الحكيم الدكتور بشار الأسد رئيس الجمهوريّة
دور المواطنين أساسي في المتابعة والرقابة والتشارك والمساعدة والعمل ولا ينتهي
بانتخاب أعضاء المجالس المحليّة
إذا أراد المواطن متابعة معاملة لـه في البلديّة أو أيّ جهاز إداري آخر يراجع أكثر من عشرين مرّة وتبلغ المعاملة حدّاً من التعقيد تجعل هذا المواطن يلجأ إلى معارفه أو وساطة لـه أو معقّب معاملات الأمر الذي يقطع الصلة بين المواطن وأجهزة الدولة وبالتالي يفقد المواطن الثقة في إمكانيّة متابعة أموره بنفسه. الأمر الذي أرهق كاهل المواطن بتكاليف اضافيّة لا مبرّر لها.
ومثال ذلك تسوية مخالفات البناء حيث تحتاج التسوية إلى أكثر من شهرين لإنجازها مع العلم أنّه يمكن إنجازها باسبوع واحد في حال تمّ اختصار المراحل التي تمرّ بها المعاملة واختصار الدواوين المتعدّدة في الجهاز المحلّي الواحد.
وقد قمت أنا بنفسي بتسوية مخالفة لمنزل أسكنه كي أسحب قرضاً من المصرف العقاري وقد استغرق ذلك خمسون يوماً ووقّع على المعاملة أكثر من ثلاثين توقيعاً.
فلماذا إذاً لا تتمّ معالجة هذه الأمور وتحديد المدّة الزمنيّة لكلّ نوع من المعاملات في الجهة المختصّة وتبيان الوثائق المطلوبة تحت طائلة مساءلة الموظّف الذي تسبّب بتجاوز الفترة الزمنيّة المحدّدة لانجاز المعاملة.
وهنا يأتي دور المواطن الذي لـه حقّ إلغاء عضويّة أيّ مقصّر من أعضاء المجالس المحليّة وهذا الأمر غير متاح للمجالس النيابيّة.
أفكار أطرحها للنقاش العام في إطار المساهمة في مسيرة الاصلاح التي بدأت مع انتصارات جيشنا على الارهاب وعودة الامن والامان الى ربوع الوطن آمل أن تجد آذان صاغية وأن يقوم المجلس النيابي والحزب بقراءة سريعة متأنيّة لتجربة الإدارة المحليّة لكي يخلّصها من الثغرات ومن الفاسدين ومن عديمي الكفاءة ويخلّص المواطنين من التعقيدات.
- عبد الرحمن تيشوري