المعارضة السورية و بيان جنيف .. بقلم : الدكتور سليم الخراط  

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية

 

 

– جعجعة بلا طحن واللعب بالنار لن يجدي نفعاً، ما لم تكون النوايا صادقة وشفافة بالمطلق ما بين كل الأطراف .. وخاصة مشاركة القوة الوطنية الأكبر والحقيقية في الداخل السوري متماسكا، محققة معادلة تقول : الوطن يساوي قيادة وشعبا، وهي سياسة وإستراتيجية قادت الوطن بشعبه وقيادته للانتصار، فمن المعيب تجاهلها أو تهميشها. لقد دعت  ما يسمى معارضة في الخارج في اجتماعها في جنيف إلى العودة إلى المفاوضات المباشرة مع الحكومة السورية، وهي اليوم تتفهم وفهمت أن التطورات الدولية والإقليمية والسورية الحالية تؤمن ظرفاً مناسباً لاستئناف المفاوضات مع دمشق ..!!؟، فأخيرا قررت معارضة الخارج التّفاوض مع الدولة السوريّة والعودة إلى دِمشق والمُشاركة في الحُكم..!!؟.

– ولكن ما هي أسباب هذا التحوّل اليوم ..!!؟

بعد قرار عودة الجامعة العربية إلى سورية، والمشاركة للرئيس بشار الأسد في قمة جدة الهامة ،لم يبق أمام ماتبقى من المعارضة السورية أي خيار غير الجُلوس المباشر مع دِمشق وتسوية أوضاعهم من خلال مشاركتهم بمنصة دمشق ..، خاصة وقد  تخلّى عنهم جميع حُلفائهم ، وأهمهم الأتراك والقطريّون، فهم ورقة احترقت وانتهى دورها .

– البيان الذي صدر في ختام يومين من مُباحثاتٍ جرت في جنيف وشارك فيها 28 عُضوًا من أصل 36 من أعضاء الهيئة العُليا لهذه المُعارضة، تكشف عن مُؤشّرات حُدوث انقلاب جذري في موقفها السّياسي، أبرزه التّسليم بالأمْر الواقع، والمُتغيّرات الإقليميّة والدوليّة، وفشل كُلّ الرّهانات على تغيير النّظام في دِمشق، مع التنويه لملاحظة خاصّةً هي الفقرة الأهم للبيان الذي صّدر وتقول فيه “اتّفقت الأطراف المُشكّلة للهيئة العُليا للمُعارضة السوريّة على بيانٍ مُوحّد اعتبرت فيه أن التطوّرات الدوليّة والإقليميّة والسوريّة الحاليّة، والحِراك النّشط الخاص بالمسألة السوريّة تُؤمّن ظرفًا مُناسبًا لاستِئناف المُفاوضات المُباشرة ..!! مع دِمشق ..!! .

– لكن ماذا حدث ليعجل بصُدور هذا البيان :

 – حتما أولها .. فوز الرئيس رجب طيّب أردوغان في الانتخابات الرئاسيّة، واتّخاذ قرارًا بالانفتاح على جميع الخُصوم السّابقين خاصّةً مِصر وسورية ودول الخليج ووضع مُعظهم لبيضه في سلّة التّحالف الروسي الإيراني، أيّ عكس ما كانت تتوقّعه المُعارضة السوريّة والمِصريّة المُتمثّلة في حركة الإخوان

 – أما ثانيها .. فهو تسليم قطر ماهر الدغيم المُعارض ورجل الأعمال السوري بعد سحب جنسيّته التركيّة وإبعاده إلى الدوحة، ومن ثم إلزامه المُغادرة إلى دِمشق الأهم والملفت وهو الثالث .. غسْل القِيادة التركيّة  أياديها من المُعارضة الإخوانيّة المِصريّة ، ومُطالبتها بمُغادرة تركيا وإعادة “منصّة موسكو” إلى الهيئة العُليا للمُعارضة السوريّة بعد إبعادها عام 2019 بسبب موقفها الدّاعي للحِوار مع السّلطة في دِمشق .

 – كلّ ذلك يوحي بأنّ الدّولتين الدّاعمتين لهذه المُعارضة، إلى جانب الولايات المتحدة، أو بإيعازٍ منها، حتّمت عليها التّماهي مع المُتغيّرات الدوليّة والإقليميّة التي تحدّثت عنها في بيانها، والتوجّه نحو المُصالحة مع السّلطات السوريّة، في محاولتها لتقليص الخسائر من خِلال التخلّي عن مُعظم المواقف السّابقة، والمحاولات المُباشرة مع دِمشق هي طريق العودة الوحيد لهذه المعارضة التي لطالما تمتعت وأحيطت بدَعمٍ من الأمريكيين ودُولٍ عربيّة ضخّت مِئات المِليارات وآلاف المُسلّحين لإيصالها إلى السّلطة..!! .

 – لقد سبق للدولة السوريّة أن أصدرت عفوًا عامًّا أكثر من مرّةٍ، وقُبول عودة المعاقين من أبنائها بِما في ذلك من حملوا السّلاح .

– لكن في تركيزنا على المُعارضة السوريّة السياسيّة لا يعني تجاهلنا الأخرى المُسلّحة التي تتمركز حاليًّا في إدلب وريفها، ولا نستبعد أن مصير هذه المُعارضة قد تقرّر في الاجتماعات التي جرت على مُستوى قادة المُخابرات، ووزراء الدّفاع والخارجيّة السوريّة التركيّة، برعايةٍ إيرانيّة روسيّة، وسيتم اعتماده نهائيًّا في القمّة المُنتَظرة والوشيكة بين الرئيس بشار الأسد والتركي رجب طيّب أردوغان في موسكو وإعادة العلاقات كاملةً بين البلدين، فتركيا اليوم كما يبدو قد انحازت للمُعسكر الروسي الإيراني وحلفاؤهم، وأردوغان أدار ظهره لأمريكا والدّول الأوروبيّة، معزّز بفوزه الأخير على مُعارضةٍ تُركيّةٍ تحشّدت لإسقاطه بدَعمٍ أمريكيّ أوروبيّ .

– نعم المُعارضة السياسيّة أقرت التوجه طائعة إلى دِمشق، فأين ستذهب المُعارضة المُسلّحة وعتادها الثّقيل، والآلاف من مُقاتليها وعائلاتهم ..!!, حتما القادم من الأيام والتطوّرات المُحتَملة على الأرض ستُجيب عن كل ذلك .

– ونقول : سلاماً على الذين إذا عاهدوا لم يغدروا لأنّهم يعلمون أنّ ” العهد كان مسؤولا “، وإذا أعطوا ميثاقاً لم ينقضوا لأنهم يعرفون أنّه ” ميثاقاً غليظا “،وإذا أخذوا قلباً لم يعبثوا لأنّهم يعرفون أنّ “الله أمر أن نؤَدّي الأمانات إلى أهلها”سلاماً على أصحاب القلب الواحد والوجه الواحد والموقف الواحد .

– والسؤال المشروع وطنيا وجماهيرية يقول : أين هي هيئة التفاوض ..؟

بل أين دورهم وتأثيرهم ومكانتهم، وما هو تاريخهم الوطني ..؟

– بل أين تضحياتهم من أجل الوطن ..؟

– إنهم حقيقة وواقعا ليسوا سوى أسماء من دون وجود، ونحن نعلم أن ما ينتظرنا في سورية الكثير ليتم تحقيقه مع عودة الأمن والأمان والاستقرار، وطبعا لابد من تعزيز الديمقراطية السياسية والاجتماعية ومحاربه الفساد ومحاسبة المقصرين في سوريه ، ولكن هذه الأمور لا تحل في جنيف بل في دمشق مع جميع القوى الوطنية الصادقة والتي تحملت الويلات من اجل الوطن، أين كانوا عندما أعلنت الحرب الكونية المؤامرة على سوريه وادخلوا الألوف من الإرهابيين ، وارتكبوا أفظع الجرائم بحق شعبنا وصرفوا المليارات من أجل تدمير سوريه وهم يعلمون أن الشعب السوري من مختلف المكونات السياسية والقومية والدينية يرفضون رفضا قاطعا التدخل في شؤونه الداخلية أو فرض أمور من الخارج

 – لقد حققت سوريه انتصارات هامه وعادت الدول العربية إلى سورية ، وسينتصر القطب الصاعد الروسي الصيني الإيراني ومعه دول البريكس ، وكلنا نشاهد اليوم هذه التغيرات الكبيرة في أميركا اللاتينية وإفريقيا .

 – لقد ولت سياسة القطب الواحد القطب الأميركي الأطلسي ولا عودة للوراء، ونحن اليوم أمام واقع وحقيقة تصاعد انتصارات القطب الروسي الصيني ومعهم سوريه والدول المؤمنة بحتمية التغيير، لقد فات قطار الحرية هؤلاء الذين يريدون إعادة سيطرة قوى الإرهاب والظلام والإخوان المسلمين الى سوريه، انه حلم إبليس بالجنة، ومن يطالبون بالديمقراطية يتمتعون برفاهية الدولارات وحصانة داعميهم وقد فرطوا بسيادة مناطقهم وتخلوا عنها بالفتات .

 – لذلك السؤال لهؤلاء الذين يدعون الوطنية ويطالبون بالحرية والديمقراطية ..!!؟ , لماذا البيان لم يتطرق الى طرد المحتلين وإعادة الخيرات، ولماذا لا يستنكرون الجرائم الأميركية بحق الشعب السوري في نهب خيراته وشعبنا يعاني الأمرين ، لماذا لا يستنكرون الحصار الأميركي وقوانينه الظالمة بحق الشعب السوري، لكنهم يطالبون بانتخابات من اجل انتصار القوى اليمينية عملاء الأميريكان والناتو ، نعم نحن مع الديمقراطية والانتخابات، ولكن هذا قرار وطني لا يقرره سوى الشعب السوري القرار للوطن ولكافة القوى الوطنية السورية ومعارضة الداخل الوطني التي تنادي بصوت اعلى من كل مكونات الخارج .. القوى الوطنية طالبت وتطالب حتى اليوم بمرسوم عفو يتضمن الإجراءات التنفيذية بعيدا عن التدخل والاجتهاد الذي يتم من الجهات المعنية ويعطل تنفيذ المرسوم ..، خاصة ونحن مقبلون على الانتخابات مجلس الشعب عام ٢٠٢٤ لمجلس الشعب في شهر نيسان وأيار مفصل في تاريخ سورية وعنوان بداية  التحولات التي تمت..!! .

 – لذلك نجد أن المنطقة على شفى انفجار كبير بسبب ما قد استجد بدءأ من التقارب العربي – العربي بدون رضا الامريكي ..، والتقارب العربي – الايراني الصادم ..، إضافة إلى انحياز الدول العربية الاساسية ان لم يكن كل الدول العربية باستثناء المغرب وقطر الى جانب المحور المشرقي الصاعد ..، مع الأخذ بالاعتبار ازمة الكيان الصهيوني الداخلية، واتساع مساحة المقاومة الفلسطينية في الداخل مدعومة بمحور المقاومة .

– إن متغيرات اليوم تعددت ومنها التأثير القوي لبيع النفط العربي بعملات غير الدولار ، وانضمام او طلب انضمام السعودية ومصر والإمارات وغيرهم الى منظومة البريكس ، واعادة الترتيب حسب رؤية المنتصر هي المنتظرة اليوم .

– د. سليم الخراط

– دمشق اليوم الثلاثاء ٦ حزيران ٢٠٢٣.