التخريب الممنهج .. فن ومهارة وإستراتيجية لعصابات الكيان الصهيوني وأعوانه

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية_رئيس القسم العبري_كرم فواز الجباعي

 

 

 

– التخريب أسلوب من أساليب الحرب وله فَصل مهم على مستوى الجيوش والوحدات العسكرية وهو أيضاً أداة استراتيجية في حرب العصابات وأثناء الحرب، يُعد التخريب أحد أكثر الأسلحة فاعلية في ترسانة أي دولة من خلال مُهاجمة مُحرك الحرب نفسه، عن طريق شل الإمدادات الرئيسية والتصنيع العسكري، وحتى الموارد الغذائية، فكما قيل: “الجيوش تسير على بطونها” وكذلك تخريب المواقع الاستراتيجية والطرق اللوجستية والاتصالات التي هي عصب الجيش والقيادة والسيطرة.

– المخربون ليسوا دائماً عدواً واضحاً ومرئياً، وقد يكون العديد منهم عملاء سريون وغير مرتبطين بالأجهزة العسكرية، أو الأمنية الرسمية أو يكونون ذئاباً منفردة، تعمل من خلال فهم صحيح لمتطلبات المرحلة ولا تأخذ تعليمات مباشرة من أي تنظيم، وقد يتم تدريبهم وتزويدهم ببنك أهداف حيوي للعدو.

– في عام 2008، كشفت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية للجمهور عن كتاب يعود لفترة الحرب العالمية الثانية ، كان قد كُتب كدليل “للتخريب” الذي يمكن أن يقوم به المواطنون الأمريكيون على مستوى القاعدة الشعبية. كان الهدف من ذلك الكتاب الذي يحمل عنوان “الدليل الميداني البسيط لعمليات التخريب”، هو مساعدة المواطنين الذين يعملون في دول الحلفاء المحتلة – طبعا المحتلة من قبل الألمان- على إسقاط الحكومات القائمة من الداخل.

– وتُرجم الكتاب المُكون من 32 صفحة، والذي أعده “مكتب الخدمات الاستراتيجية”، وهو الجهاز السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، في عام 1945، إلى عدة لغات، ووزع في دول عديدة مثل اليونان، والنرويج، وغيرهما. حيث كان يطلب منهم القيام بأمور صغيرة يمكنها أن تتراكم لتحدث تأثيراً كبيراً من أجل تقويض قوة العدو الألماني، مثل إدخال الزجاج المطحون والرمل إلى خزانات البنزين، وتخريب الاتصالات وخطوط المواصلات وغيرها من عمليات التخريب. في الحرب العالمية الأولى استخدم الألمان عمليات التخريب وكان من أكبر عمليات التخريب التي نفذوها، هو تفجير أكبر مستودع للذخيرة في أمريكا في جزيرة “بلاك توم” في عام 1916. دمرت الانفجارات الهائلة الجزيرة، حيث كانت “بلاك توم” نقطة توزيع لآلاف الأطنان من الذخائر والمتفجرات والبارود الأسود، التي يتم شحنها عبر المحيط الأطلسي إلى قوات الحلفاء التي تقاتل في أوروبا ضد الألمان. بحلول الحرب العالمية الثانية، تطور التخريب وأصبح أكثر تعقيداً، حيث أصبح هناك وحدات تم تدريبها على مهاجمة الأهداف العسكرية وتعطيل المجهود الحربي للعدو. كما استخدمت بريطانيا التخريب بشكل كبير من خلال إنشاء “وحدة العمليات الخاصة التنفيذية” بغرض إجراء التجسس، والتخريب والاستطلاع في أوروبا المحتلة – المحتلة من قبل ألمانيا وحلفائها  وكانت إحدى وظائف هذه الوحدة الأساسية تخريب معدات ومنشآت ووسائل إنتاج العدو، وقد سميت أيضاً “بجيش تشرشل السري” وهو رئيس وزراء بريطانيا في ذاك الحين وقد قال عند تشكيل هذه الوحدة “اذهب الآن وأشعل النار في أوروبا.”قد كان البريطانيون يديرون مدارس تدريب سرية، لتدريب المخربين على خلق الفوضى والتعامل مع السلاح والمتفجرات.

– التخريب الصهيوني عقيدة  ثابته :

– كان لدى عصابة “البلماخ” الصهيونية وحدة مُختصة بالتخريب، حيث تم تدريب المخربين فيها على مهام مختلفة مثل تفجير الجسور والسكك الحديدية، وكان جيش العدو الصهيوني -ولا يزال- لديه وحدات مختلفة مُدربة للقيام بأعمال تخريبية. فمثلاً في الخمسينيات من القرن الماضي، كان فصل التخريب فصلاً هاماً في دورة ضباط “الكوماندوز”، كما تم تدريب جنود وحدات النُخبة على ذلك. في عام 1953 تم تأسيس الوحدة 101 وكان صاحب الفكرة في تأسيسها المجحوم “أرئيل شارون”، وقد نفذت الوحدة أعمالاً تخريبية ضد الفلسطينيين، وكذلك عمليات قتل. اليوم، الجهة المسؤولة عن التخريب في جيش العدو هو سلاح الهندسة القتالية ويُطلق العدو الصهيوني على عمليات التخريب مصطلح “التخريب الهجومي”.

– وحدة “يهالوم” هي وحدة التخريب الرئيسية والأكثر مهارة في جيش العدو ، وهي مُجهزة بمجموعة متنوعة من الوسائل لهذا الغرض، وتتبع لها سرية الاستطلاع “يائيل” (وهي سرية النخبة في سلاح الهندسة القتالية) وهي مسؤولة عن التخريب الهجومي، وخاصة في عمليات الكوماندوز، طبعاً هناك عناصر تخريبية خاصة في الموساد وغيرها من أجهزة العدو هذا ليس كل شيء عن أساليب التخريب فهناك التخريب الإلكتروني والسايبر وهو في هذا العصر جزء مهم من معركة تعطيل وتشويش مقدرات العدو. غالباً ما استخدمت الحركات المناهضة للاستعمار التخريب لإزالة نفوذ الاحتلال

– المقاومة الفلسطينية :

– وعلى الرغم أن الشعب الفلسطيني استخدم أسلوب التخريب ضد العدو الصهيوني إلاّ أنني أزعم أن تبنيه لهذا الأسلوب كان ضعيفاً على مدى سنوات الاحتلال، ولم تتبنَ التنظيمات الفلسطينية أي خطة لتشجيع أو تخطيط أي جهد تخريبي ضد مُقدرات العدو الصهيوني. هذا بالرغم من أن هناك اعتبارات مهمة يجب أن تدفع المقاومة إلى أن تبني هذا الفن وأن تعتبره ضمن أولوياتها النضالية، ودعوني أذكر بشكل مختصر بعض هذه الاعتبارات:

– صغر المساحة الجغرافية لفلسطين، وقلة المنشآت والطرق والبُنى التحتية الحيوية في كيان العدو، حيث يجعل هذا الاعتبار أي ضرر يمس هذه المنشآت له أثر كبير على العدو.وطرق المواصلات الحيوية والتي يستخدمها جيش العدو في حشد قواته لمختلف الجبهات، هي في معظمها مُجاورة للتجمعات الفلسطينية، وأقتصر هنا فقط بذكر طريق وادي عارة (شارع65) حيث يمر الطريق في وسط بلدات فلسطينية (فلسطينيي 48) ضمن منطقة أم الفحم، وقد قام سكان تلك المنطقة بإغلاق الشارع وتعطيل حركة سير جيش العدو خلال معركة سيف القدس، مما دفع العدو بعد الحرب إلى التفكير باستخدام طرق بديلة، وإنشاء وحدات عسكرية لمكافحة مثل هذه الحوادث، وهناك أهمية كبيرة للطرق المؤدية للقواعد الجوية العسكرية وغيرها في النقب والتي يحيط بها بدو النقب. طبيعة مجتمع العدو غير القابل حالياً للتضحية، أو نقل المعركة على شوارعه وتشويش حركته وانقطاع كربائه … إلخ.