– المملكة الأردنية هي التي دعت إلى المؤتمر الطارئ في العقبة ، مع كبار المسؤولين من “إسرائيل” والأردن ومصر والسلطة الفلسطينية والولايات المتحدة الأمريكية، ويأتي ذلك استمراراً للرسائل التحذيرية من قبل الأردن حول الخشية من تدهور الأوضاع، والتي طرحت أيضاً خلال زيارة رئيس وزراء العدو “بنيامين نتنياهو” لعمان (24 كانون الثاني).
– المشاركين في ذبح فلسطين :
شارك في المؤتمر من كيان العدو، رئيس هيئة أركان الأمن القومي “تساحي هنغبي”، ورئيس الشاباك “رونين بار”، ورئيس القسم السياسي الأمني في وزارة جيش العدو “درور شالوم”، ومنسق العمليات الحكومية في الأراضي الفلسطينية اللواء “غسان عليان” وممثلون آخرون.
فيما ضم الوفد الفلسطيني، الذي أثارت مشاركته في المؤتمر غضباً كبيراً من جانب حماس وردود فعل شديدة من قبل كوادر فتح الميدانيين أيضاً، وأمين عام اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ – وهو محاور “للمسؤولين الإسرائيليين” منذ فترة طويلة ومدير الأجهزة الأمنية ماجد فرج، ومستشار أبو مازن للسياسة الخارجية مجدي الخالدي.
ومثّل دولة مصر، رئيس المخابرات العامة (المسؤول، عن إدارة الاتصالات مع غزة) عباس كامل، المضيفين – نظيره، رئيس دائرة المخابرات العامة الأردنية اللواء أحمد حسني، إلى جانب وزير الخارجية أيمن الصفدي.
وضم الوفد الأمريكي مستشار الرئيس لشؤون الشرق الأوسط “بريت ماكغورك”، ورئيسة قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية “باربرا ليف”، و”المبعوث الإسرائيلي للشؤون الإسرائيلية” والفلسطينية هادي عمار.
– الذي جرى :
في بداية المباحثات، طرح الجانب الفلسطيني قائمة مطالب طويلة تتعلق بكل من التغييرات الدراماتيكية في الترتيبات الأمنية – بما في ذلك تعليق اقتحام المدن (في ضوء الأحداث الأخيرة في جنين ونابلس) – وقضايا تعود إلى الترتيبات الدائمة، بما في ذلك وضع القدس، ومع ذلك أوضح المشاركون الآخرون أنه لا جدوى من مناقشة هذه القائمة في ظل الظروف الحالية، ومن الأفضل التركيز على الجوانب والإجراءات العملية للحد من التدهور المتسارع على الأرض.
وبحسب البيان الختامي الرسمي المشترك (بيان العقبة المشترك) الذي وزعته وزارة الخارجية الأمريكية، فقد تم الاتفاق على ثمانية بنود في مناقشات المؤتمر والتي سيتم بحث طريقة تنفيذها في اجتماع متابعة مخطط له خلال شهر مارس في شرم الشيخ:
أكد الجانبان، “السلطة الفلسطينية وإسرائيل”، التزامهما بجميع الاتفاقات القائمة بينهما، والسعي لتحقيق سلام عادل ودائم، وعادوا وأكدوا ضرورة الالتزام بخفض التصعيد في المنطقة ومنع المزيد من العنف، وتجدر الإشارة إلى أن هذه هي أول إشارة رسمية لالتزام “الحكومة الإسرائيلية” الجديدة بنظام الاتفاق القائم. يقر المشاركون الخمسة جميعاً بأهمية الوضع الراهن في الأماكن المقدسة في القدس – قولاً وفعلاً – ويؤكدون على الدور الخاص للأردن (أدرج الجانب الأردني مصطلح “الوصاية” في النص، وهو ما يتجاوز صيغة اتفاقية السلام، لكن “إسرائيل” أصرت على صياغة أكثر غموضاً، “دور خاص”، وفي النهاية ظهرت الصيغتان جنباً إلى جنب).
أعربت “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية عن استعدادهما لوقف الخطوات الأحادية الجانب لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر، مقابل التزام “إسرائيلي” بوقف مناقشة إنشاء مستوطنات جديدة لمدة أربعة أشهر، والتوقف عن الموافقة على بؤر استيطانية قائمة لمدة ستة أشهر.
يبدو أنه بذلك اتضحت أكثر الرسائل المرسلة إلى الولايات المتحدة حتى قبل ذلك، فيما يتعلق بالنقاش في مجلس الأمن، لكن في ظل ردود الفعل الحادة في “النظام السياسي الإسرائيلي” أوضح رئيس وزراء العدو أن هذه ليست قرارات تم اتخاذها بالفعل، وبالتالي لا ينبغي اعتبار ذلك “تجميداً للبناء”.
– اتفق جميع المشاركين على اجتماع متابعة في شرم الشيخ في مارس 2023.
كما اتفق المشاركون على أن هناك حاجة إلى إجراءات بناء الثقة والحوار المباشر، وأعرب الجانبان- “السلطة الفلسطينية وإسرائيل”- عن استعدادهما للعمل بدافع حسن النية للقيام بمسؤولياتهما. الأردن ومصر والولايات المتحدة -كمجموعة ستستمر في مواكبة التحركات- ترى في التفاهمات التي تم التوصل إليها، تقدماً مهماً نحو إعادة تأسيس وتعميق العلاقات بين الأطراف، والتزام بالاستمرار في المساعدة في تهيئة الظروف لذلك.
أشار جميع المشاركين إلى أهمية الاجتماع، وهو الأول من نوعه منذ سنوات -في إشارة إلى حقيقة أنه منذ عام 2014 لم تكن هناك محادثات سياسية فعلية بين “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية- ووافقوا على الاستمرار في العمل بالشكل نفسه، للحفاظ على الزخم وتوسيع هذا الاتفاق في عملية سياسية واسعة من شأنها أن تؤدي إلى سلام عادل ومستدام.
وشكر المشاركون الأردن على تنظيمه واستضافته للاجتماع وعلى جهوده لضمان أن يسفر عن نتائج إيجابية، ولمصر لمساهمتها الفعالة، ولأمريكا دورها في تحقيق التفاهمات التي أفضت إلى هذا الاتفاق -إشارة إلى المحادثات مع “إسرائيل” في موضوع البناء-، مع التأكيد على دورها الذي لا غنى عنه في منع التدهور وإيجاد آفاق للسلام.
– ملاحظات هامة :
كانت التجهيزات والإعدادات الاستباقية كبيرة تليق بالحدث، أظهرته كمؤتمر آخر روشنة. ليس هذا هو المهم أبدا، فمحور الحديث هنا في اتجاه آخر لا علاقة له بالفخامة ولا بالرتابة ولا بحسن الضيافة التي يمتاز ويتصف بها العرب، كأمة تعيش في حيز عالم اليوم الحالي.
المهم في هذا السياق كله، هل اقتنع الكيان الصهيوني وقرر مجرموه تخفيف حدة الجنون لديهم بعد هذا التداول والنقاش؟ هل مؤتمر العقبة نفسه كان عصا سحرية قلبت وغيّرت عقل صهيون وجماعته؟ للأسف الشديد الإجابة هنا واضحة ومتوقعة، لا تحتاج إلى عباقرة التفسيرات ولا التحليلات، لم تكن هناك حاجة إلى رد أصلا من بن غفير ولا نتنياهو، ولا تشغيل السماعة والمايكروفون للعودة السريعة لتسيد المشهد والبروباجاندا. الصورة واضحة أصلا بلا فني توضيح ولا تقنيات عالية، المشهد كله بيّن كوضوح الشمس في عز النهار عند الحديث والتطرق إلى سيرة بني صهيون.سنين تزيد في العهد الزمني الجديد عن الأربعين منذ توقيع اتفاقات السلام بين كيان إسرائيل ومصر، ماذا حصل؟ أين ثماره الإيجابية؟ أين ملامحه الطيبة؟ وبالمثل مع فلسطين والأردن، وينطبق الحال على غيرهما من أمة العرب كلها. كله كلام وحبر على ورق فقط. الصهيوني يبقى مع الزمن بمروره هو نفسه صهيوني الطبع والطبيعة.
زادت المؤتمرات والحوارات والندوات والدعوات سابقا وحاليا ومستقبلا للتطبيع مع الصهاينة، لكن الواقع للحياة يؤكد أن لا شيء سيتغير إلا لمصلحتهم. لن يحدث شيء إيجابي للعروبة ولا لبلاد الإسلام النبيل. الصهاينة يكسبون والعرب يخسرون، لا فائدة تذكر من ذلك كله، حيث هدف الإسرائيلي واحد هو إقامة الهيكل الوهمي بدلا عن المسجد الأقصى وإعلان الهيمنة الكبرى والوعد المنتظر، هذا عقلهم وليس عقل العروبة ولا العرب.
شريط التاريخ الحياتي يفيض بالأدلة الدامغة على فردية ا الصهيونية عقلها المتحجر غلظة بالنسبة للآخر، وعلى وجه الخصوص الآخر العربي.و المسجد الأقصى وقبة الصخرة والحرم الإبراهيمي، حتى كنيسة القيامة، لم تسلم منهم ولا من تبعات ولا أهوال أعمالهم. ويقال استمروا في مسعى السلمية والسلام، اقتراح صحيح براق لامع، لكن مع من يستحق. هم لا يعرفون مصطلحا اسمه سلاما وطيبة ونقاء، هم تجار الشر، ينامون مع الشر ويصحون معه.
– استغلال مايدور في الكيان ( الربيع الصهيوني ) :
على الأمة العربية اليوم دون تأجيل، اغتنام الفرصة للعمل والبناء الإيجابي عكس التيار الصهيوني الممتد وعلى محور نقيض له، وليس اتباعه أو المسير معه، طريقه وعرة مهلكة. هو لن يتغير ولن يتبدل حاله، وتحديدا مع العرب والمسلمين بصفة عامة في أرجاء الأرض كلها. ليست فلسطين وحدها الشاهدة اليوم مع أن وضعها أكبر دليل. الصحوة الإيجابية عزيمة وهمّة هي التي تفيد، أما النوم والسلام الفاشل الهزلي، فهو ليس إلا وقت ضائع بلا فائدة، فهو المسير في السراب نفسه وهو ذاته ما يريده العقل الصهيوني ليكمل ابتلاع الشرق الأوسط منطقة نفوذ وحيدة لا منازع فيها ولا شريك.حلم المؤتمرات طويل ربما فيه تجهيزات وتلميعات وبهرجات كثيرة، لكن اليقظة للواقع أجدى وأنفع لليوم وللغد.وحدة العروبة في يد واحدة وعلى قلب واحد وعقل سليم إيجابي هو طريق القوة واليقظة، هل من فهم الإشارة ومعناها؟ يبقى السؤال مكتوبا والإجابة تحتاج إلى جواب، جواب يرضي أساسا وجوهرا فلسطين الأقصى الشريف وقبة الصخرة المشرفة. هو المطلب والرضى المنشود.