– المتابع لتاريخ العلاقات السورية التركية لا تعوزه الفطنة ليكتشف كثير من التوتر وقليل من الوئام ،فتركيا بالنسبة للسوريين تاريخها أسود وهي رمز للاستعمار والعدوان ، فرغم احتلالها لسورية والوطن العربي أربعمئة عام ، مارست سياسات بشعة بحق العرب والسوريين وكان أبرزها إعدام الشهداء في 6 أيار عام 1916،وممارسة سياسات التتريك وغير ذلك كثير ، فقد استمرت الأطماع التركية في سورية وتم اغتصاب لواء اسكندرون عام 1939م وقبله ديار بكر وأضنة ،وعين تاب ، وكانت على الدوام تشهد العلاقات توترات بسبب سوء استخدام تركيا لمياه نهر الفرات واستخدامها ورقة ضغط سياسي على سورية رغبة لأطماع الصهيونية والغرب الإمبريالي، ومع بداية العدوان على سورية عام 2011م كانت رأس حربة في هذا العدوان ،حيث عبرت عن أطماعها وأحلامها الاستعمارية المجسدة للطورانية والعثمانية الجديدة، فرعت ودعمت المجموعات الإرهابية التكفيرية التي أدت للقتل ونهب ثروات سورية والتقت بذلك مع المشروع الإمبريالي الصهيوني .
أما سورية فهي فلم تحتل أرضاً تركية، ولم تتدخل في الشؤون الداخلية لتركيا ،ولم تدعم أي فصيل إرهابي أو غير إرهابي مناهض للحكومة التركية ، وفي ظل هذا الواقع يتم طرح تطبيع العلاقات مع تركيا بناء على رغبة الرئيس التركي وبواسطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، والقيادة الإيرانية ، والتي يعمل كلا البلدين على إنجاح عودة العلاقات والتحضير لعقد اجتماع للجنة الرباعية الروسية- الإيرانية- السورية- التركية ،لاستكمال الإجراءات المطلوبة لتنظيم العلاقات السورية التركية بما يحفظ سيادة وأمن ومصالح البلدين .
– وتأتي زيادة وزير خارجية إيران السيد حسين اللهيان إلى تركيا وسورية في 8 و9 شباط 2023 قي إطار المساعي الإيرانية لحل الخلافات وإنهاء حالة العداء بما يخدم شعوب المنطقة ويخرجها من تحت هيمنة القوى الإمبريالية والصهيونية التي تنهب ثروات شعوب المنطقة وتدب الخلافات والصراعات بينهم .
– ورغم كل الجراح فسورية لا تمانع في إقامة هذه العلاقات إذا توفرت النوايا الطيبة والصادقة ، فرغم التصريحات التركية على لسان الرئيس التركي وبعض المسؤولين الأتراك ،واللقاءات الأمنية والعسكرية ورعاية الرئيس الروسي ، والاتصالات المكثفة التي تجري فسورية تريد أفعالاً لا أقوالاً، ولا أظن أن الحكومة والقيادة السورية ستعارض عودة العلاقات بين البلدين، والتنسيق لمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة وخاصة في سورية وتركيا ، بعد الزلزال الذي ضرب البلدين وما ألحقه من أذى كبير لكليهما .
– ولقد أثنى السيد الرئيس بشار الأسد على انضمام إيران إلى اللجنة الرباعية وهو دور استكمال لدورها في اجتماعات آستنة نظراً للموضوعية التي تتحلى فيها السياسة الإيرانية وحرصها على سورية موحدة أرضاً وشعباً ،ونظراً لعمق العلاقات الإستراتيجية بين البلدين وحرصها على إقامة علاقات في المنطقة متوازنة وتحافظ على سيادة الجميع ،إن الأمر كله اليوم يقع على الجانب التركي ، فسورية ستحرص على أمن تركيا كما أمنها ،لكن الأمر يتعلق بتركيا فإذا كانت جادة وتستطيع الخروج من تحت العباءة الإمبريالية الصهيونية وتفكر بمصالح الشعب التركي
– أولاً وشعوب المنطقة ثانياً : عليها الانسحاب من الأراضي السورية والتخلي عن دعمها للعصابات الإرهابية ،فالماء يكذب الغطاس ، فهذه هي الفرصة سانحة لتصحيح الخطأ والعودة إلى جادة الصواب.وعلى الجميع أن يدرك أن سورية قيادة وشعباً لن تفرط بسيادتها ولا بذرة من ترابها المقدس ولا تسمح لأي كان أن يملي عليها سياسات تتنافى مع مصالح شعبها وسيادتها وكرامتها ، فالمعاملة بالمثل يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل .
– فهل يفعلها أوردوغان أم أنه يناور ، وبالتالي لا أمل في التطبيع ، فالكرة في الملعب التركي ..؟ وسورية وهي وحيدة لن تركع ، وصمدت وتحدت وقاومت،فكيف بها الآن والعرب يهلون عليها من كل حدب وصوب ،وقد علموا أنها سيفهم الذي لا ينكسر ، وأن أي عربي لا يكون عربياً حقيقياً إلا إذا كان عاشقاً لسورية .