#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية_رضوان هلال فلاحة
ظمأ .. فارغ مجموعة قصصية للأديبة مريم محمود علي في معمارية حكائية تزاوج فيها بين الفضائين الإستيهامي والواقعي بحيث لا تغدق في الإستيهام .. فالقاصة تحيل نسجها الأحدوثي على إنتاج الفكرة المسيرة للخط الزمني للحدث والمنجزة للفكرة القيمة التي تحافظ عليها عبر أقاصيصها التي تتسربل في غير تشكيل فني والذاهب الى الأقصوصة القصيرة جداً ..
تتجلى في أقاصيص الأديية مريم العلي النزعة الانسانية ذت المحمول الوطني المقاوم وتتجه إلى عوالم الأنثى في منولوج لا تغيب فيه درامية القص الفني ..
ففي الأقصوصة التي حملت عنوان المجموعة ظمأ .. فارغ تحاكي مريم العلي العري القيمي والخلقي بلغة سردية واخزة وبعبارات تتجه بدلالاتها الثنائية إلى تناقضات المجتمع حين تغزوه الفوضى وتشوه منظومته القيمية لوثات الأنا المأزومة بالرغبات والنزوات والمنفعية المادية التي تستبيح إنسانيته ..
أما أقصوصتها عودة عنترة فتكاشف العلي ما آل إليه العرب بعد أن انسلخو عن انتمائهم الأصيل .. فاعترتهم شروخ اللانتماء والتحول الذي مزق منظومة المجتمع العربي وشوه أخلاقياته الأصيلة فعنترة رمز الفروسية والشجاعة والشمائل العربية النبيلة تعيده العلي من زمنه إلى الوقت الحاضر لتعايشه العلي في تناقضات العربي المبتور العلاقة مع أصالته.. عنترة الفارس الشجاع تسلبه هذه التناقضات شجاعته كما جاء في أحودثة العلي بعد أن توالت عليه الصدمات الانفعالية فالشخصية العربية المترعة بالقيم والشمائل الكريمة باتت مسلوبة الإرادة ..لتأتي نهاية الاقصوصة بقتل عنترة لنفسه وهنا لربما العلي لا تريد النظرة التشاؤمية بقدر ماتريد الاشارة إلى أن العرب قتلو منظومتهم القيمية والأخلاقية برمزية عنترة في الأحدوثة بفعل عوامل الاستلاب والانهزام والتبعية ..
لا تكاد تخلو أقصوصة من أقاصيص العلي من القيمة الأقدس للإنسان .. الوطن والأرض وضرورة التجذر بهما وتبرز العلي دور المرأة النضالي المقاوم في أسمى صور التضحية فالمرأة في أقصوصتها إلى الخلود تضحي بنفسها وبجنينها الذي ما زال يخفق بأحشائها عبر حوارية جاءت بعبارت شيقة ورشيقة بين الأم وجنينها مرتكزة على العلائقية العضوية والوجدانية التي تربط الأم بطفلها لتضيء من خلالها على صراع الأم الداخلي وما ينتابها من مشاعر القلق والخوف على حياة جنينها المهددة بالموت قبل أن يلج إلى الحياة التي تفشت فيها براثن القتل الظلامي التي تسعى لانتزاع أشياء الحياة حتى الطبيعة فهي أيدي العدمية التي تسعى لتخريب وقتل ديمومة الحياة والانبعاث والجمال والخير ..
إلا أن الجنين تأتي ردات فعله صادمة لما يصاحب الأم من احباط واستكانة فيعزز من بواعث الأمل التي تصعد الحالة الإنفعالية للأم وتنبلج منبسطة بدافع الحياة التي يجب أن تكون بإرادة الجمال والخير وهنا الذروة ذروة امتلاء الأم بيقين الموت من أجل الحياة الأسمى التي تسجلها شهادة بنفسها وبجنينها فكان جنينها الشهيد والذي مازال في أحشائها لتكون الحياة ..
وخلال أحدوثاتها وحكائياتها تذهب إلى مكنونات المرأة ومعاناتها وصراعها الداخلي كأنثى مسلطة الضوء على كينونتها التي تتعرض للتهميش والقهر والاستلاب كأقصوصة ليلة مشؤومة التي تحاكي فيها العلي الزواج المبكر للمرأة الذي يحول دون تحقيق ذاتها وما يأتي عنه من صدمات نفسية فالطفلة في أقصوصتها اغتصبت انسانيتها بفعل الجهل والفقر لتكمل حياتها بوجدان الطفلة التي شوهت براءتها وعذريتها لتعيش في حالة من نكران الذات والفصام الداخلي والحياتي ..
واتجهت بأسلوبها الحكائي ضمن بنائية القص القصير إلى الأسلوب الأدبي الساخر كأقصوصة لمن أمنح دمي وضمن المجموعة القصصية لمريم العلي أقاصيص قصيرة جدا تحافظ في بنيتها الفنية على الحدث بمشهدية اللقطة الواحدة للزمن اللقطة والمنجز لفكرة لاتغيب حتى في المونولوج الداخلي الذي يشكل بنائية بعض أقاصيص المجموعة .