#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية_القسم الثقافي
حين يكون الفكر مقاوماً يرفض التطبيع والتخاذل والاستسلام .. وحين تكون المقاومة باباً يدخله الأبطال الأحرار برغبتهم دون ضغوط .. وحين يكون حب الأرض رسالة استشهاد .. وإذا بالحب نبع .. وإذا الدماء نسيل يحيي الأرض ويورق الشجر ويمنح الإنسان معنى إنسانيته فاعلم أنك تتحدث عن الفكر المقاوم في أدبيات الحرية والأحرار في سورية وإيران والمقاومة الإسلامية ومع شرفاء العالم أجمع .. وكالة إيران اليوم الأخبارية وسعياً منها لتسليط الضوء على أبرز هذه المحاور التقى الزميل رضوان فلاحة الأستاذ نبيل فوزات نوفل الكاتب والباحث والمفكر السياسي أمين سر جمعية البحوث والدراسات في اتحاد الكتاب العرب .. عضو هيئة تحرير مجلة الأسبوع الأدبي الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب .. ومن مؤلفاته .. العقول المخصية .. المياه العربية .. التحديات والمستقبل .. التفوق من الوجه الآخر للحضارة .. الإرهاب الدولي الجذور والحقيقة .. و كان له معه الحوار التالي :
إيران اليوم : المقاومة والفكر المقاوم هي العقبة الرئيسة في وجه المخططات الصهيوأمريكية والإمبريالية العالمية .. وإن الحرب الصهيوأمريكية على سورية بأدواتها التكفيرية في مساعيها الإجرامية لا تقف عند تخريب الحضارة المادية والإرث الحضاري بل تتجه لقصف العقل العربي والإسلامي وغزوه بالأفكار المشوهة والمخربة لمنظومته المقاومة كيف تقوم الأدوات الثقافية والفكرية الوطنية والمقاومة لتدعيم وترسيخ القيم والمفاهيم الوطنية وتحصينها ضد هذه الهجمات العدوانية ؟
– إن القوة الإمبريالية والصهيونية اليوم لم تعد تقتصر في حربها على القوى العسكرية فقط بل تستهدف تدمير الشعوب في مناحي الحياة كافة وفي مقدمتها التدمير الحضاري والثقافي وخلق الفوضى واستلاب العقل وتدميره لتصبح هذه الشعوب فاقدة للهوية والفاعلية مستعدة للخنوع والتسليم للهيمنة الاستعمارية وهذا ما تفعله اليوم القوة الإمبريالية والصهيونية تجاه العالمين العربي والإسلامي وخاصة المقاومة في سورية وإيران واليمن ولبنان والعراق ، لذلك تم اختراق العقل العربي والإسلامي من خلال الفكر الظلامي التكفيري والفكر العدمي حيث التيار التكفيري الظلامي الذي يتسم بكونه يتصف بالتسليم والاستسلام واستبعاد التأويل وإعمال العقل وهذا الفكر هو الذي ولد لنا اليوم الجماعات المسلحة التكفيرية بأصنافها المختلفة التي تمارس أبشع أنواع القتل والسلب والاغتصاب والتي تربت في أقبية الإسلام السياسي وأبرزها الوهابية والإخوان المسلمين وهؤلاء رافضين لكل مظاهر الحضارة .. إن التكفيري المتطرف يرجع بالحادثات إلى ما وراء الطبيعة ، وهي عقلية غيبية صرفة تبرز من خلال ثنايا التاريخ في عصور التاريخ المظلمة في القرون الوسطى ،إن هذا التيار يرى كل شيء ساكنا وينكر كل مطالب الحياة لذلك نراهم اليوم يدمرون كل مظاهر الحضارة وكل ما يدل على حضارتنا وتراثنا الأصيل ،أما التيار الآخر فقد تمثل في اختراع ما يسمى ما بعد الحداثة والفكر العدمي ، فبرزت الدعوات المطالبة بالانفصال ، والتقسيم لضرب العروبة ومشروعها القومي المناهض للإمبريالية والصهيونية فوقع البعض في شباكها ومشاريعها الثقافية التدميرية للهوية والشخصية العربيتين المؤدية إلى احتقار الذات العربية ، مقدمة للخضوع والتسليم للأجنبي والتبعية المطلقة لما يمليه الغرب الاستعماري .. ما أدى إلى انزلاق الكثيرين إلى مستنقع الدونية والاستصغار فعملوا على تشجيع العدمية في أنواع الأدب والفنون كافة والتي تطالب بأنه علينا الالتحاق بالغرب والحضارة الغربية والتخلي عن كل ما يمت لأمتنا العربية والإسلامية بصلة والتي تسوق لبدعة مركزية الحضارة الأوروبية وقوة العقل الأوروبي وتنادي بأن الخلاص يكون بالأخذ بكل ما يقول به الأوروبيون حيث بدأنا نعيش حالة التعاطي اللاأدبي مع القضايا الوطنية والقومية متناسين ما للأدب من مهام وطنية كبيرة .. وبالتالي لم يعد أمام المثقفين المخلصين لأمتهم ووطنهم الذين لم تغرهم الدولارات ولا وقعوا في سحر القوى الإمبريالية والصهيونية إلا النهوض لاستكمال ما بدأه مثقفو الأمة وتطوير الأفكار التي تحترم العقل وتقدسه ونرى في مشروع التنوير طريق الخلاص وسنحاول اقتراح بعض الرؤى لعلها تساهم إلى جانب ما قدمه مثقفو الأمة الأفاضل في تحصين الفكر العربي والإسلامي وتخليصه مما لحق به من سموم وتلوث ويأتي في مقدمة المهام العاجلة تحديد عوامل الضعف القائم في الواقع وتحديد أسبابها والمنطلقات الاسترايجية القادرة على التعامل مع الواقع وتجديد أساليب العمل والصيغ القادرة على تنفيذ المنطلقات الاستراتيجية في ضوء الواقع ومتغيراته والتمييز بين الثانوي والأساسي وبالتالي تحديد الهدف الأساسي في هذه المرحلة بمواجهة الإرهاب والفكر التكفيري وتعزيز نهج المقاومة والوقوف إلى جانب قوى المقاومة في المنطقة وكسر الحصار الفكري المروج للهيمنة والخضوع لإرادة القوى الاستعمارية وتعرية العباءات الثقافية التي تحاول إلباس المصالح السياسية عباءات ثقافية والمبادرة المستمرة لكشف نظرية المؤامرة الأمريكية التي تقول بوجود أعداء دائمين لها والانتقال من الوعي بالعقل الأمريكي إلى الفعل تجاه العقل والتخلص من التبعية لمقولات هذا الفكر .. النهوض بالحال الثقافي والسعي الجاد نحو التأسيس والتأصيل لفقه المتغير حتى يمكن إخضاع الرفض والقبول والتفاعل الثقافي إلى ميزان وأصول وضوابط لا إلى المزاجية والنظرة السطحية للأشياء وهذا يتطلب ترسيخ الاهتمام بالبعد الاستراتيجي من الفكر والثقافة التي تكون قادرة على التأسيس للمستقبل من خلال فهم الواقع والاهتمام بمتغيراته وثوابته وتعزيز ثقافة المقاومة في المجتمع التي ترتكز إلى أن معركة الحرية والاستقلال والسيادة مازالت ضرورة حتمية لشعبنا في مواجهة أعدائه وتعزيز ثقافة الأمل لأنها العمود الأساسي لثقافة المقاومة ..و العمل على تجسيد الوعي بالذات على الصعيد الفردي والجمعي الذاتي والموضوعي والحرص عليها وعدم ومحاربة كل دعوات التقسيم والنعرات الطائفية والمذهبية والعرقية وكشف وتعرية المؤامرة الامبريالية التلمودية التي تريد تشويه المقاومة والدول الداعمة لها وخاصة سورية وإيران وحزب الله اليوم بما تمثله من نهج وطني مقاوم مدافع عن الحق العربي وتكريس القضايا الوطنية والقومية في نفوس وعقول شبابنا وخاصة قضية فلسطين .
إيران اليوم : إن أحد أهم الاهداف الصهيوأمريكية هي ضرب الانتماء الوطني والقومي .. ألا ترى أستاذ نبيل أن محاولات إقصاء وإلغاء الرموز الوطنية واستهدافها بكل الأشكال هي سياسة استعمارية جديدة ؟
– لقد بات من المؤكد اليوم أن القوى الإمبريالية والصهيونية تعمل على مسح ذاكرة الأجيال للشعوب الإسلامية والعربية وتخليصها من كل ما تحمله من قيم ورموز ومبادئ وهو أخطر أنواع الأسلحة وأخبثها فالدمار الناعم والقاتل دون ضجيج والذي يقوم بتلويث وتدمير الذاكرة الوطنية للشعوب والمتمثلة بقيمها الحضارية وتراثها ورموزها الوطنية ومنظومة القيم الحضارية بهدف استلاب العقول لأبناء المجتمعات من خلال غرس مفاهيم الثقافة الإستهلاكية والعدمية وتخليع الانتماء الوطني واستبداله بانتماءات ما دون الوطنية ولقد عمل المستوطنون والعملاء الذين وزعوا في جسد الشعوب الإسلامية والعربية على حرف جوهر الصراع في المنطقة وخلق أعداء جدد لحرف الصراع ، وبالتالي فقد بات الأمر اليوم ملحا في النهوض بذاكرتنا الوطنية المغيبة بقصد أو بدون قصد ،والتي تستهدفها سموم الإمبريالية والصهيونية الجديدة المتوحشة وكل تقصير في ذلك يرقى لمرتبة الخيانة لأنه إن لم نحم ذاكرتنا الوطنية من عبث المخربين والمرتزقة والخونة وبقينا نقدم الآخر الوافد علينا فقط ،فهذا يعني أننا سلمنا مجتمعنا بكل أجياله وشرائحه العمرية والمعرفية للآخرين عندئذ سيكسب الآخرون المعركة وهو أمر لن تغفره لنا الأجيال القادمة ،وكما هو معلوم أن أخطر أنواع الاحتلال هو احتلال العقول والذي هو الأساس لكل احتلال وبالتالي فإن تربية الأجيال على القيم الوطنية والقومية وإحياء الذاكرة الوطنية والقومية لدى شبابنا بالقادة العظماء الذين صنعوا استقلالهم وأمجادهم ، وذلك من خلال المناهج الدراسية والمؤسسات الثقافية والتعليمية والإعلامية ضرورة وطنية وقومية .. ولقد عبر سيادة الرئيس بشار الأسد عن أهمية التمسك بالذاكرة الوطنية والقومية وتذكير شبابنا بما فعله الصهاينة من جرائم وقتل واغتصاب بقوله في 16 / 1 / 2009 في افتتاح مؤتمر قمة غزة الطارئة لنصرة الشعب الفلسطيني .. بما أننا أصحاب ذاكرة غنية .. لأننا أهل التاريخ ومالكو الأرض .. فسنعدهم بأننا سنبقى نتذكر .. والأهم من ذلك هو أننا سنحرص على أن يتذكر أبناؤنا أيضا .. سنخبئ لهم صور أطفال غزة وجروحهم المفتوحة ودماءهم النازفة فوق ألعابهم وسنخبرهم عن الشهداء والثكالى والأرامل والمعاقين وسنعلمهم بأن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وأن العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم وأن ما أخذ بالقوة لايسترد إلا بالقوة وسنشرح لهم بأن من يفقد ذاكرة الماضي سيفقد ذاكرة المستقبل .. وسنعلق على جدران غرفهم لوحة نكتب عليها شعارا لكل طفل عربي قادم إلى الحياة نقول له : لاتنس ليكبر الطفل ويقول : لهم لن أنس ولن أغفر ” وهذا الكلام نقوله اليوم لكل من ساهم في دعم الإرهاب والحرب العدوانية على سورية منذ مطلع العام 2011 م من دول وأفراد وما يسمى معارضة وعملاء وخونة ومرتزقة فشعبنا لن ينسى ولن يسامح ولن يغفر وسيعلم أجياله ويذكرهم بالخونة وقتلة أبنائه على الدوام .
إيران اليوم : التفكير والتكفير آليتان عقليتان متغالبتان ومتضادتان فالتكفير منهج اقصائي يعتمد إلغاء الاخر .. أما التفكير فهو منهج تنويري يسعى إلى الحوار والتلاقح الفكري المثمر والمنجز للانتقائية القيمية .. فما دور المفكر والمثقف الوطني في ترسيخ قيم التفكير التنويري وعلى وجه الخصوص عند الناشئة والشباب وهم الأكثر عرضة لعمليات الغزو الفكري ؟
– للمفكرين والمثقفين دور أساسي في مقاومة القوى الاستعمارية لأن المعركة الحقيقية هي معركة فكرية وبمقدار ما ينتصر الفكر التنويري بمقدار ما نحصن حضارتنا وشعوبنا ونرى أن الذي يكرس الفكر التنويري هو العقلانية العلمية التي تتخذ من العقل مصدرا للمعرفة وامتلاك القدرة على الخلق أي يمتلك القدرة على توليد الأفكار الجديدة التي تسهم في تغيير أفعالنا وسلوكنا مما يؤدي إلى تعزيز المواطنة وتحصين الوحدة الوطنية .. إن مايساعد على تحصين فكرنا التنويري هو العمل في كل مؤسسات الثقافة الوطنية على استراتيجية تستند إلى الإيمان بأن الاختلاف والتنوع الثقافي حقيقة كونية إنسانية والعمل على تنقية منهاجنا التربوية من كل مظاهر التعصب والخرافات الغيبية والتطرف والاستلاب والقنوع ..إضافة إلى التركيز على التفكير النقدي في مناهجنا التربوية والتعليمية وخاصة في الجامعات وتعزيز ثقافة الحوار والاختلاف في هذه المناهج في كل المراحل التعليمية وربط هذه الأفكار بالسلوك لدى أبناء المجتمع لأن الفكر التنويري هو ممارسة وسلوك وفعل وطني في مجالات الحياة كافة والتحلي بروح النقد ذي الرؤية الوطنية الواضحة الذي يجمع بين أخلاقية القيم العليا وأخلاقية المسؤولية ومجابهة الواقع بثقة واطمئنان .. والتعامل مع التراث باعتباره حاضن الهوية القومية والتعريف بروائعه مع تخليصه من شوائبه .. التعرف على الواقع وهذا التعرف يجب أن يكون تاريخياً وعلمياً وكلياً .. فالتعرف التاريخي يلتقط مكونات الأحداث لحظات منشئها الأولى سياق تطورها والعوامل العديدة التي تحكمت بهذه الصيرورة اما التعرف العلمي فيستخدم المعارف البشرية في شتى الحقول ، لا افتراضيا تكهنيا يكتفي بالمجزوء من المعلومات ليصوغ فوقها منظومة من الأفكار التي تتناسل من ذاتها المغلقة في حين التعرف الكلي يذهب نحو باطن المجتمع ،فلا يبقى عند القشرة السياسية وهي الغلاف ليس إلا هذه الصفات هي التي تستطيع تكوين فكر عربي وثقافة عربية مقاومة لمنع محاولات التيئيس في الساحة العربية ودعوات الاستسلام والتقوقع والانعزالية والرضوخ والتبعية والتقليد الأعمى والذيلي في كل المستويات للدول الغربية .. الإيمان بأن المثقف إنسان صاحب موقف قبل كل شيء وبالتالي عدم تقبل الواقع على علاته انتهازا أو تزلفا والعمل على تحديث المجتمع بعيدا عن مرض الإنسحاق أمام الثقافة الغربية .
إيران اليوم : ما هي آليات التأصيل والتكريس لخطاب مقاوم جمالي للإنسانية جمعاء ؟
– آليات التأصيل والتكريس لخطاب مقاوم جمالي للإنسانية وضع خطة وطنية لنشر وتعزيز دور العقل والعلم في مناهجنا التربوية والتعليمية والاستفادة من الفكر العلمي التقاني في العالم ،والابتعاد عن الغيبيات في التفكير وتشجيع العلماء والبحث العلمي والفنون والآداب بأنواعها وكشف علل الأمة وفي مقدمتها التأخر التكنولوجي والتبعية الاقتصادية وإذكاء روح العقلانية والنقد في الميدان الاجتماعي .
إيران اليوم : في بحثكم الذي جاء تحت عنوان الافتراءات والحقيقة في كتاب إيران وسورية عناق الشرف والبنادق ما هي أهم المحاور التي تناولها البحث ؟
– تأتي أهمية هذه الدراسة في تناولها موضوعاً حيوياً وهاماً يتمثل في الحديث عن الدور الإيراني في مواجهة الحرب العدوانية على سورية وكشف محاولات تشويه هذا الدور من قبل القوى الاستعمارية وأنظمتهم العميلة والكيان الصهيوني خاصة كونها أصبحت القوة الرئيسة الداعمة للمقاومة وللدول الرافضة للخضوع والاستسلام وفي مقدمتهم الجمهورية العربية السورية التي تعتبر قضية فلسطين قضيتها المركزية .. وبيان الأسس التي تحكم العلاقة الاستراتيجية بين سورية وإيران وطبيعة هذه العلاقة وميزاتها ، بعد أن تقدم لمحة عن إيران ونبين أهم المراحل التاريخية فيها ونكشف عن أهم الافتراءات والأكاذيب التي تحاول تشويه الدور الإيراني في سورية .. كما نبين استراتيجية الثورة الاسلامية الحقيقية تجاه الوطن العربي .. مشيرين إلى أهم العوامل التي تسببت في تشويه العلاقة بين إيران والدول العربية .. ودور الدول الاستعمارية في تطبيقها وإذكائها .. كما نتحدث عن العلاقات السورية الإيرانية منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979 والتي كان لها دور في الوقوف في الحرب ضد سورية التي بدأت من حرب تشرين التحريرية عام 1973 وأهم المواقف ومستقبل العلاقة .. وأهم العوامل في تعزيزها وتقويتها وسر قوة هذه العلاقة والدور الحالي لإيران في أخطر مرحلة من الحرب على سورية والتي بدأت عام 2011 ونبين الدور الأمريكي والصهيوني ومحاولتهما العمل على تحطيم التحالف السوري الإيراني بكل الأساليب .
في نهاية اللقاء الشكر للأستاذ نبيل نوفل الذي منحنا فرصة لتسليط الضوء على أهم الجوانب في السياسة الأمريكية و الصهيونية و كيفية مقاومة هذا الفكر المعادي .