#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
أضواء على الذكرى السنويّة التاسعة لواقعة الهجوم الإرهابي على منطقة حطلة بتاريخ 11/6/2013 والتي حصلت في سياق الحرب الظالمة المفروضة على سوريّة .
– مقدّمة : تأتي أهمية هذه الحادثة من أبعادها الاجتماعيّة والسياسيّة والثقافيّة التي بدت واضحة من خلال توقيتها وأسبابها والعناوين التي حملتها والهتافات التي استخدمت فيها وأسلوب تنفيذها على أيدي الشرائح التي خرجت بالأمس تنادي بالثورة لأجل سورية وشعبها وتدعي أنها ثورة وطن بكل ما تعني كلمة وطن من معنى وأنها ثورة شعب بكل ما تعني كلمة شعب من معنى بحيث يكون المضمون شاملا لجميع شرائح هذا الشعب وجميع فئاته وشرائحه وثقافاته ولكن مهما حاول الذئب أن يثبت أنه نبي مرسل فإن أفعال أنيابه ستتسبب بافتضاح أمره ، وبطلان نبوّ ته فالأنبياء إنما يبعثون رحمة للعباد أما نبوّ ة الذئاب فنقمة على العباد والمبشرين بخيوطها والممسكين لها والمنظرين (المثوّ رة) هذه رسل فعمد بفردوسها الموعود إلى إطلاق يد مجاميعهم وقطعانهم الإرهابية فارتكبوا الجرائم المروعة وسجلوا صفحة سوداء أساءت لتاريخ منطقة وادي الفرات التي حصلت فيها هذه الحادثة المروعة على الضفة اليسرى لنهر الفرات فتبين من خلال هتافات هؤلاء المبشرين وكلماتهم وسلوكياتهم التي أحصيناها في هذه الحادثة أنهم من أي رحم ينحدرون وأي ثورة يمثلون وأي نهج يحملون وأي درب أسود يريدون أن تسير فيه البلاد ، فافتضح أمر هذه (المثوّ رة) وسقط عنها القناع الذي أراد الجهابذة القائمين عليها أن يوهموا الجميع به فتبين بوضوح أنها مثوّ رة لا على منهاج نبوّة ، ولا على منهاج وطن ولا تتوافر فيها لا عناصر دين الرحمة على المستوى الديني ولا عناصر الدولة الوطنية التي تشكل ضمانة الجميع على المستوى العلماني والعصري فتبين أن ما يجري ليس (ثورة) وإنما مجرّ د (مثوّرة) فالثورة إنما هي فعل ذاتي مقدس ينطلق من وجدان الجميع دون أي مؤثر خارجي أما المثوّرة فتهييج وخلاعة خارجية تسبب إثارة غير حقيقية تُحدث الضرر لمن يصغي إليها.
– من هذه النقطة بالذات : تأتي أهمية هذه الحادثة الموثقة في المحافل الدوليّة ومؤسّسات حقوق الإنسان وإلا فهذه الحادثة ليست بالحدث العسكري الكبير لا من حيث العدد ولا من حيث المدة ولكن هذا الحدث حمل من المعاني ما يمكن أن نختصر بها عموم المشهد وبشكل واضح ، وقبل الشروع بالحديث عن نفس الحادثة .
– أود أن أشير أنني تطرقتُ لعدد منً الجوانب الاجتماعية وعدد من المسارات لكي يكون القارئ بأجواء المشهد كاملاً وملماً بالصورة التي نحاول أن تكون شاملة وواضحة وقد توخينا الدقة في النقل ، والأمانة في التوثيق وعندما تلاحظون التوسع ببعض الجوانب دون الجوانب الأخرى ، فالسبب موضوعي وهو توافر المعلومات عندي بشكل أكبر في هذا الجانب دون ذاك ، إما لقربي من الصورة بشكل أكثر أو اتصالي بأشخاصها بشكل مباشر أو شبه مباشر ، وأحيانا أترك الكلام ببعض الجوانب عسى ولعل أن يتناولها بالعرض والتوثيق غيرها من الكتاب والمهتمين .
– أولاً : تعريف بالشريحة المستهدفة بهذا الهجوم ويأتي هذا التعريف من خلال النقاط التالية :
1- الشريحة المستهدفة بالهجوم :هي شريحة المواطنين السوريين من الطائفة الشيعيّة الأماميّة الاثني عشريّة .
2- عدد الشريحة المستهدفة بالهجوم :إجمالي عدد الشيعة بمحافظة دير الزور قبل الأحداث يقارب الخمسة آلاف نسمة غالبيتهم متواجدين بمنطقة حطلة ويوجد نسبة قليلة منهم في أماكن أخرى من قرى المحافظة بالإضافة لوجود نثري في مدينة دير الزور التي هي مركز محافظة دير الزور .
3- الشريحة المستهدفة بالهجوم من الناحية العشائريّة :
غالبيّة الشيعة بدير الزور هم من عشيرة السادة البوبدران التي هي إحدى عشائر قبيلة البكارة الكبرى تلك القبيلة التي يمكن اختصارها من حيثية النسب ومن حيثية المذهب بأنها : (قبيلة حسينيّة النسب سنية المذهب) مع وجود نثري للتشيع في عدد من عشائر هذه القبيلة العربية الأصيلة والتيتتكوّ نمن (27) عشيرة إحداها عشيرة البوبدران التي نشأ فيها التشيّع في بداية السبعينات من القرن الماضي علما ً أن انتماء عشيرة السادة البوبدران لقبيلة السادة البكارة لا يعني الوحدة في عمود النسب بين هذه العشيرة وبين بقية عشائر السادة البكارة فطريق الوصول إلى الأئمة (عليهم السلام) في عمود النسب الخاص بعشيرة السادة البوبدران مختلف عن طريق الوصول إلى الأئمة في عمود النسب الخاص بكثير من عشائر السادة البكارة فمثلاً طريق وصول عشائر السادة الحسينية (عابد وعبيد) والذين يشكلون الثقل الأكبر لقبيلة البكارة مختلف عن طريق وصول عشيرة السادة البوبدران وعليه يكون منشأ انتماء عشيرة البوبدران لقبيلة البكارة ليس الوحدة في عمود النسب بل يعود لعوامل أخرى وفي مقدمتها أسس نشوء وتشكّل مثل هذا الانتماء بحسب الأعراف القبلية والعشائرية السائدة في ميراث القبائل والعشائر في وادي الفرات والتي تقوم على الرحيل والنزيل المشترك والعصى الواحدة والصايح الجامع وكذلك الأحداث المفصلية الجامعة والتاريخ القبلي المشترك والحروب العشائرية الجامعة والسكن المشترك على الضفة اليسرى لنهر الفرات فهذه العوامل كلها قد توافرت في حالة عشيرة السادة البوبدران وبقية عشائر البكارة مما أدى لنشوء هذا الانتماء وقد كان العامل الأكبر لجعل انتماء عشيرة البوبدران لقبيلة البكارة الكبرى حقيقة واقعة وملموسة أن كل هذه العشائر تعود بنسبها إلى الدوحة المحمّديّة الشريفة تلك الدوحة التي تمثل أعرق بيوتات العرب بل أعرق بيوتات العالم بأسره بل هي الأسرة الأشهر والأعلى شأناً على مر التاريخ ، فليس من الضروري لكي تكون مجموعة من العشائر تنتمي لقبيلة واحدة أن يكون أبناء هذه العشائر ينتسبون لرجل واحد فمثلاً قبيلة العكيدات الكبرى التي هي من القبائل العربية الزبيدية الكبرى نلاحظ أنها لم تقم بالأصل على النسب الواحد بل قامت على التعاقد حيث يوجد في هذه القبيلة عشائر تعود بنسبها لرجل واحد مثل عشائر (كامل وكمال وزامل) التي تشكل ثقل قبيلة العكيدات فهؤلاء يجمعهم النسب الواحد والقبيلة الواحدة لكن بنفس الوقت هناك عشائر أخرى أساسية في هذه القبيلة لكنها خارج دائرة (كامل وكمال وزامل) ومع ذلك تحمل بامتياز اسم هذه القبيلة وهي مكوّن أساسي من مكونات هذه القبيلة بدون أدنى شك ولكن ما جعلها تحمل أسم هذه القبيلة هو جامع التعاقد وليس جامع النسب ، ومن الضروري أن لا يفوتنا الإشارة إلى أن انتماء عشيرة السادة البوبدران لقبيلة السادة البكارة يسري في حق السادة البوبدران في سورية فقط ، أما في العراق فإلى عهد قريب كان بيت قبيلة البكارة في العراق هو بيت الشيخ حمد علص في منطقة الجرن في الموصل ، حيث كانت تسمية (بكارة حمد) سائدة وموجودة وأستمر الأمر كذلك إلى حين ظهور الشيخ جمعة الدوار الذي لمع نجمه في الموصل قبل حوالي خمسة وثلاثين سنة ففصل ما بين مشيخة البوبدران في العراق وما بين مشيخة بقية عشائر البكارة مع بقاء أواصر اللحمة وجامع القرابة والتاريخ المشترك بأوثق عراه حسب ما رأينا ذلك رؤيا العين والحمد لله .