# وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– كلنا نتذكر عمليات السرقة في الأجواء وعلى الطرقات السريعة في الدول الأوروبية للقاحات والكمامات إبان تفشي فيروس كورونا، والتي كان أبطالها الأمريكيون والأوروبيون، حيث كانت كل دولة تبحث عن تأمين حاجتها من اللقاحات والكمامات بأسرع وقت ولو على حساب القيم والمبادئ، فلا شيء محرم عندما تفرض المصالح، ولا صديق ولا حليف في وقت الحاجة؛ حيث رأينا الأمريكي يسرق البضاعة القادمة إلى فرنسا مثلاً، وفرنسا تسيطر على قافلة الشاحنات التي تعبر أراضيها حاملة وسائل الحماية من الفيروس والمتعلقة بدولة أخرى، وهكذا تبين الغرب على حقيقته فتحقق كلام أمير المؤمنين علي عليه السلام الذي قال: في الشدة يُعرف جواهر الرجال، وفال أيضاً: عند الإمتحان يُكرم المرء آو يُهان، فقد فضحت فترة الشدة تلك حقيقة مكنون الدول الغربية جمعاء، وسقط القائلون بحقوق الإنسان والمطالبون بالقيم الإنسانية في الإمتحان في اللحظة الأولى، وبان كل طرف على حقيقته كالشمس في رابعة النهار.
– لكن البعض توهم أن تلك كانت فلتة، وأن القاعدة لدى الدول الغربية هي القيم والمبادئ وحقوق الإنسان وإفساح المجال أمام المهاجرين إليها ليبلغوا منتهى آمالهم ويحققوا غاية أحلامهم، وليهنؤوا بالعيش الرغيد والحرية الكاملة التي حُرموا منها في بلادهم حيث وُلدوا فيها وحملوا جنسياتها.
– لكن الخبر الصادم الذي أعلنه قبل أيام وزير خارجية الكويت فهد الشريعان أن سفناً هي بطريقها إلى الكويت والسعودية فيها أرز وحنطة وبذور قامت أمريكا بتحويل مسارها إلى أوروبا … ثم عقب على ذلك بالقول: اللعب صار عالمكشوف … حالهم يقول: الأوروبي والأمريكي أحق بالعيش …
– إن القرصنة عالمكشوف هذه ومصادرة الحمولات المتعلقة بالدول في البحار والأجواء وتحويلها بالقوة أو بالرشوة إلى دول أخرى وحرمان شعوب دول من لقمة عيشها ليكون شعوب الغرب في راحة ورخاء لهو العنصرية البغيضة التي تهيمن على عقول الساسة الغربيين؛ لكن المشكلة أن المنبهرين بالحضارة الغربية لا يريدون تغيير قناعاتهم التي غرسها الغرب في نفوسهم، إذ لا يمكنهم تصديق أن العِرق الأبيض في الولايات المتحدة لا يزال حتى اليوم يحتقر ذوي البشرة السوداء، ويتصرف بروح التمييز العنصري ضد مواطنيه، والغرب عموماً يكنّ عداءً شديداً للإسلام والمسلمين وإن تزلف بعض المسلمين إليهم وتخلوا عن تعاليم دينهم الحنيف، بل إنهم يُسندون بعض المناصب ويفسحون في الوصول إلى بعض المواقع لنماذج من المسلمين الذين لا يحملون من الإسلام إلاّ إسمه ليجعلوا منهم واجهة لتنفيذ سياساتهم وليخدعوا بالخطوة هذه السدَّج من شعوبنا وذلك من خلال الإعلام والدعاية العالمية التي يسيطرون على أغلبها.
– والمؤسف أن كثيرين منا تنطلي عليهم الحيلة ويستندون إلى نماذج معدودة محسوبة بدقة من قبل دوائر الغرب ليجعلوا منها دليلاً على رقي الحضارة الغربية، ويقوم هؤلاء المخدوعون المنتشرون في مجتمعاتنا من خلال الإستناد إلى هذه النماذج المعدودة بتلميع صورة الدول الغربية صاحبة السجل الأسود في ارتكاب المجازر وعمليات الإبادة بحق الشعوب المستضعفة.
– إنني أقرّ بأن دول المنطقة لا تعير اهتماماً بسعادة شعوبها، وأن القمع هو منهاج الأنظمة المهيمنة على مقاليد السلطة في بلادنا، وأن لا قيمة للروح البشرية لدى الحكام في منطقتنا، وأن أعداداً من الشباب في عمر الزهور يتم إعدامهم بالجملة وفي يوم واحد وبتهم تبين أنها ملفقة أو أنها لا تستحق الإعدام على أقل تقدير، لكن يجب أن لا ننسى عشرات الملايين من شعوبنا الذين قتلهم الأمريكيون والبريطانيون والفرنسيون وغيرهم في الماضي القريب، والأبرياء الذين قصفتهم طائراتهم الحربية بالقنابل المحرمة دولياً وبالقنابل النووية أيضاً، والدمار الذي ألحقوه بمدننا وقرانا طوال فترة احتلالها ونتيجة الحروب التي شنوها على بلادنا.
– حتى أن حفيد ملكة بريطانيا الأمير ويليام كشف قبل أيام معدودة مكنون ما يدور في عقول عموم الغربيين وذلك لما قال: إن الحرب في أوروبا المتحضرة شيء غريب على عكس الصراعات في إفريقيا وآسيا والتي اعتدنا عليها، متجاهلاً التاريخ البريطاني والأوروبي والأمريكي الحافل بالحروب الوحشية والصراعات الدموية فيما بينها والاستعمار والاستيطان والإبادات الجماعية للشعوب الأصلية وخاصة في القارة الأمريكية وأستراليا، ولا تزال تُكتشف حتى اليوم المقابر الجماعية لآلاف المسلمين الذين قتلهم الصرب المتحضرون وعمليات الإغتصاب للنساء المسلمات على مرأى ومسمع من الدول ” المتحضرة “، من دون أن تنهال المساعدات العسكرية والإنسانية بمئات المليارات ليتمكن المسلمون من صد هجمات العنصريين الصرب ضدهم، ولا تتالت القرارات الدولية للتنديد بالجرائم الوحشية.
– واللافت أن دولة صربيا العنصرية هي اليوم عضو في الإتحاد الأوروبي فيما تم رفض دولة البوسنة والهرسك والتي يتناوب المسلمون والصرب على رئاستها من الإنضمام إلى الإتحاد المذكور.
– وفي أيامنا هذه شاهدنا كيف يُمنع ذوي البشرة السوداء في أوكرانيا من ركوب القطارات هرباً من القصف الروسي، بل ويتم إجبار من صعد إليها على النزول منها بالقوة، وأيضاً كيف يوضع ذوي البشرة البيضاء في صف وأصحاب البشرة السوداء في صف آخر على الحدود، فتُسهّل إجراءات مغادرة البيض ويتم استقبالهم في الدول المجاورة، فيما تُعرقل حركة ذوي البشرة السوداء وتوضع أمامهم الموانع ويواجهون أنواع المضايقات قبل السماح لهم بالخروج من أوكرانيا، ثم إنهم لا يجدون الإستقبال والترحيب لدى وصولهم إلى دول الجوار بعكس ما يجده اللاجئون البيض، وموجات المواقف العنصرية من جانب السياسيين الغربيين وعلى شاشات التلفزة وفي الصحافة انطلقت منذ اليوم الأول لحرب روسيا على أوكرانيا.
– الخلاصة أن تطورات الأحداث تكشف كثيراً من الحقائق التي طالما بذل الغرب جهوداً لإخفائها ورفع راية القيم الإنسانية والمبادئ السامية بدلاً عنها، بل وتوزيع الشهادات بالإلتزام بهما على هذا البلد، وذاك، واتهام هذه الجهة وتلك بانتهاكهما ثم إصدار الإدانات الدولية وفرض العقوبات عليها، وحتى المسارعة إلى تشكيل محاكم دولية لمعاقبة من يرونه خارجاً عن طاعتهم، فيما يبقى كبار المجرمين طلقاء على مرّ السنين حين يكونون تحت حماية قوى الإستكبار.
– إن الله سبحانه قد أطلعنا قبل ١٤ قرناً على ما تُضمر قلوب أعداء الأمة من ضغائن على المسلمين، وكيف أنهم يبذلون كل جهودهم ليعيش المسلمون دوماً في المعاناة والأزمات، وأن مدى العنصرية والبغضاء لديهم تظهر أحياناً على أفواههم ومن خلال مواقف قياداتهم وزعمائهم وذلك بقوله : { ودوا ما عَنِتٌّم قد بَدَت البغضاء من أفواههم وما تٌخفي صدورهم أكبر قد بيّنّا لكم الآيات إن كنتم تعقلون } صدق الله العلي العظيم .
– السيد صادق الموسوي :