# وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– كل المؤشرات تقود إلى استنتاج أننا اقتربنا من صدام أمريكي- روسي في أوكرانيا بعدما فوتت موسكو على واشنطن فرصة إشعال بؤرة تصعيد جديدة في كازاخستان، فحملة التحريض التي تقودها العواصم الغربية ضد روسيا حول هجوم عسكري وشيك على أوكرانيا مدعومة بالتحليلات السياسية في كبريات المنافذ الإعلامية الغربية المطبوعة والمرئية توحي بعملية منظّمة لجر موسكو لشن الهجوم.
– على مدى العقود الثلاثة التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفييتي بدأ (الناتو) يتمدد شرقاً حتى وصل إلى حدود روسيا، فعمل على ضم العديد من الدول التي كانت ضمن المنظومة السوفيتية، وبدأ تحريك (الثورات الملونة) على الحدود المباشرة لروسيا كما حدث في جورجيا وأوكرانيا ومؤخراً في كازاخستان خاصرة روسيا الجنوبية للضغط عليها، غير أن تحرك موسكو السريع في كازاخستان قطع الطريق هذه المرة على واشنطن وأفشل خطتها بإشغال الكريملين في ساحة صراع جديدة.
– تحريك الساحة في كازاخستان تزامن مع حملة تحريض غربية واسعة سياسية وإعلامية تصور منطقة الحدود الروسية – الأوكرانية بأنها على وشك الانفجار جراء التحشيد العسكري الروسي المزعوم لشن هجوم على أوكرانيا، ونشرت وسائل الإعلام الغربية تحليلات عن عديد القوات والهجوم ونوعيات السلاح وطريقة الرد والاحتمالات في موازين القوى وكأن المعركة غداً دون أن تذكر أية تحشيدات أوكرانية أو غربية بالمقابل، في عملية تحضير لرواية الغرب التي ينبغي على العالم ألّا يسمع أو يرى سواها، كما في كل الحروب التي يحضر لها الغرب.
– ومع فشل الخطة الأمريكية في كازاخستان والتي أرادت منها واشنطن فتح جبهتين بالتوازي على موسكو، كان لابد من إعادة تسخين جديد للساحة الأوكرانية، فالولايات المتحدة يبدو أنها تتوق لمعركة بعيدة عن حدودها تديرها من الخلف وتستنزف معها روسيا والدول الأوروبية معاً، ويكون ساكن البيت الأبيض هو اللاعب الأقوى الذي يفاوض عن أوكرانيا وبها مع خصمه اللدود في الكريملين على قضايا أخرى في ساحات أبعد ربما، يغطي عليها ضباب الحرب في الساحة الأوكرانية.
– فاللقاء الافتراضي الذي جمع الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن قبل أكثر من شهر لم يستطع أن يبرّد سخونة الصراع، ويبدو أن اجتماع وزيري خارجية البلدين سيرغي لافروف وأنطوني بلينكن في جنيف قبل يومين زاد من حدة التصريحات الإعلامية التي تخفي تحتها أصوات المدافع وهدير الدبابات بدل أن تطفئ محركاتها .
– فالوزير بلينكن أعلن عقب اللقاء أنه حذر لافروف من أن عبور القوات الروسية للحدود الأوكرانية سيعتبر غزواً وسيؤدي إلى رد وأن موسكو أمام أحد خيارين ” المفاوضات أم الصراع “ والولايات المتحدة مستعدة لكلاهما .
– ورغم اللهجة التصعيدية ترك بلينكن الباب موارباً عندما عبر عن استعداد الرئيس الأمريكي لعقد لقاء مع نظيره الروسي إن لزم الأمر، لكنه أكد ضرورة أن ” تبدأ موسكو سحب قواتها من الحدود مع أوكرانيا ” إذا أرادت إقناع العالم بعدم وجود خطط عدوانية .
– بالمقابل اعتبر الوزير الروسي أن الجو ” العصابي والهستيريا التي يصطنعها ويروج لها الغرب “ تهدف إلى ” إثارة نوع من العمل العسكري الأوكراني في دونباس، وكذلك التستر على سياسة التخريب الشامل لنظام كييف من اتفاقيات مينسك “ خصوصاً أن الجانب الأمريكي لم يقدم أي حجة تثبت موقف الولايات المتحدة بشأن ما يحدث على الحدود الروسية – الأوكرانية.
– لم يكن ينقص ساحات الصدام وخطوط التماس المباشر بين الولايات المتحدة و روسيا هذه اللهجة التصعيدية، فالتوتر هو الغالب بين الطرفين حيال قضايا دولية وثنائية متعددة، خصوصاً بعدما بدأت واشنطن تشعر بتراجع هيمنتها الدولية وتآكل سيطرتها على العالم مع تنامي دور كل من موسكو وبكين اللتان تتحركان بقوة لإعادة تشكيل النظام السياسي العالمي الجديد.
– فهل نحن على أبواب حرب عالمية ثالثة ..؟
– أم مجرد صدام محدود؟ من يعلم ..؟
– فجميع الحروب الكبرى بدأت بصدام صغير، ويبدو أن واشنطن ومعها الناتو يضغطان على الدب الروسي في منطقة حيوية جداً، فهل تقبل موسكو بخسارة ثانية في أوكرانيا بعد أن جربت الحسم السريع في كازاخستان والقرم والنصر في سورية؟
– تعلم موسكو بحسب تصريحات قادتها العسكريين أن الجو الصدامي مع واشنطن الذي بدأ قبل أشهر قد يتصاعد إلى مواجهة مسلحة وهي لاشك مستعدة. فهل نصل إلى الحرب بفعل الرؤوس الحامية في البيت الأبيض أم يمكن للمصالح الأوروبية أن تقف في وجه دعاة الحرب الأمريكيين؟ أسئلة تعيد إلى الأذهان أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 التي كادت تشعل حرباً نووية بين البلدين، لكنها لم تحصل.
– لن نستبعد أن تكون الحرب الإعلامية وبعض التسخين الميداني في أوكرانيا بداية لاتفاق يعيد رسم حدود المصالح بين القوى العظمى .. فجميع الحروب التي حدثت أو كادت، أعادت رسم خريطة المصالح الدولية وفق مقتضيات جديدة.