#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– بعد مدّ وجزر وضغوط من كافة الجهات قدم جورج قرداحي استقالته من وزارة الإعلام، لكن الظروف التي أحاطت بالإستقالة والأسباب التي فرضت عليه الإستقالة والنتائج التي ترتبت عليها يجب قراءتها بدقة واستخلاص الدروس وأخذ العِبَر منها.
– إن جورج قرداحي شخصية إعلامية معروفة ومرموقة وهو زيّن الوزراة ولم تزيّنه الوزارة وخاصة في المرحلة الراهنة، كونه يملك رصيداً كبيراً في العالم العربي من خلال برامجه المتعددة والتي جذبت اهتمام الناس من مختلف المشارب وحيث يوجد ناطقون باللغة العربية أو قادرون على فهم العربية من غير أبناء لغة الضاد، وهو لم ينقصه شيء من الإحترام حتى يحاول استكماله من خلال الموقع الوزاري، ثم إن التركيبة الوزارية مشكلة بمجملها من وزراء عُيّنوا في مجال مغاير لاختصاصاتهم سوى الوزير قرداحي ، ولذلك فهو الجالس على كرسي يناسبه ويعمل في مجال اختصاصه فيما بعض الآخرين عُيّنوا وزراء لمجالات لا تمتّ بصلة إلى اختصاصاتهم أصلاً، وهم يجب أن يتعرفوا من نقطة الصفر على المجال الذي دخلوا فيه واستقاء المعلومات الأولية من الإخصاصيين والمستشارين ليقدروا بعد ذلك على اتخاذ القرارات بناءً على تلك المعلومات.
– ثم إن الوضع الراهن في البلد لا يعطي لأي صاحب منصب في لبنان قيمة لدى المواطنين، بل إن المواقع الرسمية من رئاسة الجمهورية فما دونها منبوذة ومُهانة عند عامة الشعب اللبناني، بل إن مؤسسات الدولة تُعدّ أوكاراً للفاسدين ومواقع لناهبي أموال الشعب المسكين، فالذي اكتسب رصيداً كبيراً لدى عشرات الملايين خلال السنين وأصبح يحترمه جميع الذين يشاهدون برامجه الشيقة يفقد بدخوله في جوقة الفاسدين و ” الحرامية “ موقعه في قلوب الكثيرين من المعجبين بشخصيته، وكلما بقي أكثر في عداد المنبوذين من قبل الشعب اللبناني فإنه يخسر من رصيده الذي جمعه طوال عقود وبعرق جبينه، بناءً على هذا فلا أسف على الخروج من الوزارة أبداً، بل إن قرداحي باستقالته أنقذ نفسه ورصيده وأخرج نفسه من جوقة الفاسدين المنبوذين من الشعب اللبناني وثبّت مكانته لدى أحرار الأمة.
– ثم إن أسلوب الإستقالة كانت مناسبة، حيث ضمنها شرحاً مسهباً عن الضغوط التي مورست عليه، والمخاطر التي كانت ستترتب أكثر على المواطنين اللبنانيين في دول الخليج على الأخص في حال الإستمرار في رفضه الإستقالة، وأيضاً التأكيد على تفضيله المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية، وهذا ما يعطيه مكانة في قلوب اللبنانيين ويزيد في رصيده لدى المعجبين بشخصه وشخصيته.
– والأهم من ذلك أنه لم يقدم اعتذاراً عن موقف اتخذه ولم يُبدِ تراجعاً عنه رغم كل الضغوط والهجمات، وبقي مصرّاً على أن ما قاله هو ما يعتقده وأنه لا يزال مؤمناً بما صرح به على الصعيد الشخصي، وهذا ما ميّز جورج قرداحي عن غيره من المتقلبين في مواقفهم يومياً والمنقلبين على قناعاتاهم بناءً على القبوضات المالية والإغراءات المادية.
– ونتمنى على الأستاذ قرداحي أن لا يكون في المستقبل من قبيل أولئك تزلفاً لحاكم وتقرباً لملك وإرضاءً لسلطان، لأنه بذلك يخسر عشرات الملايين التي ربحها ولن يسامحه أصحاب الكرامة في الأمة أبداً.
– أما الحكام والملوك والسلاطين إن تراجع قرداحي عن موقفه فإنهم سينظرون إليه بعين الاحتقار كما ينظرون إلى غيره من المرتزقة الذين يبيعون بالرخص كرامتهم وينتهكون بوقاحة سيادة وطنهم وذلك مقابل حفنة قليلة من المال يحصلون عليها ثم ينفقونها على حفلات الرقص والمجون ويملأون بطونهم من الحرام في وقت يتضور الشعب جوعاً ويبحث الناس عن لقمة الخبز المعفّن في حاويات القمامة.
– وأيضاً لا بد من الإعتراف بذكاء الأستاذ قرداحي الذي أبى أن يبيع استقالته رخيصة للداخل اللبناني، بل سلّفها للرئيس الفرنسي ماكرون، وهو الأن ملزم بالإستفادة من هذه الورقة ” القرداحية “ في الضغط على السعودية للتراجع عن إجراءاتها الظالمة ضد لبنان، وإن فشل الرئيس الفرنسي في إعادة الأمور إلى نصابها فإن ذلك يكون فشلاً ذريعاً يُضاف الى فشله في المراحل السابقة ويُعدّ إهانة شخصية له من قبل رأس الحكم في السعودية، وهذا ما لا تتحمله المملكة بسبب ارتهان قياداتها للدول الإستعمارية وحاجتها المبرمة دوماً لرضاها من أجل البقاء على العرش والحفاظ على السلطة.
– والدليل على ما صحة ما ندّعيه هو الإتصال الهاتفي الذي أجراه ولي العهد السعودي مع رئيس الوزراء اللبناني وهو مجتمع مع الرئيس الفرنسي، وذلك بعد أن كان القرار السعودي هو مقاطعة كاملة وشاملة للمسؤولين اللبنانيين، بل والإنسحاب الكامل من الساحة اللبنانية وحتى عرض مبنى السفارة السعودية في بيروت للبيع كتعبير عن الخروج الكامل للمملكة من ابنان ووقف التعامل مع كافة المتقاطرين على سفارتها لإعلان الولاء للحكام في الإعلان وقبض ثمن ذلك الإعلان لدى مغادرة المكان.
– أما أدعياء السيادة والمطالبون باستقلال القرار اللبناني الذين صفقوا للإستقالة وحسبوها فوزاً لهم وانتصاراً كبيراً لفريقهم فإنهم أكدوا بذلك وللمرة الألف أنهم أذناب للأجنبي وأبواق للمستعمر، حيث أنهم صفقوا للمستعمر اليوم كما وقفوا صفوفاً للالتقاء بماكرون أثناء زيارتيه لبيروت في الماضي القريب، بل وجدنا في صفوف الحريصين على استقلال لبنان من قدموا إلى الرئيس الفرنسي عريضة موقعة بآلاف التواقيع تطالبه باحتلال لبنان من جديد، فـ ” السياديون “ انفضحوا عندما باركوا تدخل المستعمر الفرنسي في الشؤون الداخلية اللبنانية، و ” الغيارى على الإستقلال ” بانوا على حقيقتهم لما وضعوا تواقيعهم على العريضة المطالبة بالإحتلال الفرنسي لبلدهم من جديد.
– على كل حل فإن الأيام والشهور القادمة ستبين كيف ستكون حقيقة الأستاذ جورج قرداحي، وكيف سيتعامل مع الرصيد الكبير الذي كسبه لدى كثير من اللبنانيين وعلى مستوى العالم العربي بل وعلى نطاق أوسع، وهل أنه سيحافظ على موقعه في القلوب أم أنه سينجرف إلى المستنقع القذر الذي سبقه إليه الطغمة الحاكمة الفاسدة والسياسيون في لبنان وأيضاً ” السياديون “ المنافقون وأدعياء ” الإستقلال “ الكاذبون ( فانتظروا إني معكم من المنتظرين ) صدق الله العلي العظيم.
السيد صادق الموسوي