ليس جديدا أن تحتل المرأة السورية مكانة مرموقة في المجتمع السوري، فقد كانت على الدوام محط الاهتمام في الأنظمة والقوانين السورية التي تحاول في كل مرة إنصافها لتتربع في غير موقع حكومي هام.
|
وهي لم تكن إلا مكرمة في الأديان جميعها، وقد خصها الإسلام في كثير من آياته لمكانتها وعظم دورها في تنشئة الجيل وبناء المجتمعات على أسس صحيحة، وأثبتت للعالم جميعه أنها المرأة السورية حفيدة الخنساء وعشتار ونساء كثيرات سجلهن التاريخ في سفره العريق، فهي إن هزت طفلها بيمينها تهز العالم باليد الأخرى.
ويضيف المستشار مصطفى صالحي نيا في تقديمه، أن المرأة وفي ظل ماتعيشه سورية من الحرب وتبعاتها تحتاج أن تقوم بدورها في بناء المستقبل الواعد والمشرق، وعليها أن تعي مسؤوليتها في النهوض بمجتمعها ورعاية أبنائها في تكريس قيم المواطنة والاعتدال، وقيم الحق والخير والجمال.
وفي محاضرتها التي حملت عنوان» دور المرأة في نشر ثقافة الاعتدال والمواطنة» والتي أقيمت في المستشارية الثقافية لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سورية، قدمت د. خلود خادم السروجي عرضا تاريخيا لدور المرأة وإنجازاتها منذ عصر الإسلام إلى وقتنا الحالي، ونوهت إلى أن المرأة كانت في مرحلة تنتهك حقوقها، فهي كانت تدفن حية قبل الإسلام، أو تحرق بعد وفاة زوجها في الهند، وتقدم قربانا ليفيض النهر في مصر.
ولكن الأديان جاءت لتكرمها وتمنحها حقوقها وترفع شأنها لأهمية دورها في بناء الأجيال والنهوض بالمجتمع والمساهمة الفاعلة في الحروب والنزاعات فهي جنبا إلى جنب مع الرجل والشواهد كثيرة، وليس آخرها ماقامت به في ظل الحرب على سورية، حيث كانت الداعم الأساس لأسرتها وفي تضحياتها التي فاقت بها نساء العالم جميعه.
وأوضحت السروجي بأن المرأة السورية عندما تقدم أبناءها على مذبحة الوطن فهي تعي بفطرتها معنى أن يكون الوطن بخطر وينادي أبناءه للذود عنه، وهي في الآن نفسه تعي أن المواطنة هي الوطن والأرض هي الأم، والوطن هو هوية الإنسان وقوميته وجغرافيته التي ينتمي إليها.
ولم يكن دور المرأة في ظل الحرب هامشيا، بل على العكس فقد نهضت المرأة لتنقذ مملكتها أولا ومن ثم لتبذل قصارى الجهد لإعادة بناء ماتهدم، بعيدا عن التطرف ومايبثه مجرمو الحرب من سموم في عقول أبنائها، لتبين لهم بأن الجهاد يكون فقط من أجل الوطن، فهو الوحيد الذي يستحق أن نبذل الروح لأجله.
وفي ظل هذه الحرب الممنهجة على سورية حملت المرأة أعباء إضافية بعد فقدان المعيل، لكن ذلك لم يزدها إلا إصرارا وعزيمة، لأنها تؤمن بأن النصر قريب وخصوصا أن الدول الصديقة لم تتخل عن سورية وعلى رأسها الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ومن الأهمية بمكان كما تؤكد د. السروجي تثقيف المرأة وتوعيتها لقضايا المجتمع، لأنها هي من يربي وينشىء الأجيال، وهي من يساند الرجل ويقف إلى جانبه في مواقع المسؤولية كافة، ولايختلف اثنان حول أهمية ماقامت به المرأة في ظل هذه الحرب الظالمة على سورية، وتستحق بجدارة أن ترفع لها القبعة احتراما ومكرمة وشموخا.
وأغنت المحاضرة بعرض بعض النساء لتجاربهن وأكثرهن ممن قدمن شهداء «الزوج، الأب، الابن، الأخ ..» وفي مداخلتها بينت الشاعرة هيلانة عطالله أنه يجب تسليط الضوء على بعض المفاهيم الوافدة إلينا والتي لاتمت لمجتمعاتنا بصلة، من مثل نكاح الجهاد وتجنيد الأطفال، والعمل على توعية المرأة والمجتمع على خطورة انتشار هذه المفاهيم، والاهتمام بالمرأة عن طريق تمكينها وتوفير سبل العيش الكريم لها لحماية الأسرة التي تشكل اللبنة الأولى في المجتمع.
متابعة: فاتن أحمد دعبول