#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– تُشَكِّك بيكارد في النهج الذي يتبعه إنسل في «مايندسترونج»، حيث تقول: “أعتقد أنه أنشأ شركة، استنادًا إلى فكرة لم يَثبُت نجاحها، فضلًا عن أفكار أخرى”. وليس لدى بيكارد أو نوك حتى الآن أيّ خطط تجارية بشأن تقنيتهما الخاصة بالتنبؤ بالحالة المزاجية. (لكنْ إضافةً إلى شركة «إمباتيكا»، شاركت بيكارد في تأسيس شركة «أفكتيفا» Affectiva، التي يقع مقرها في بوسطن، وتبيع تقنية لتحليل تعبيرات الوجه والصوت).
يرى إنسل أنّ ثمة حاجة إلى اختبار هذه التقنية على أرض الواقع، وذلك على المرضى، ومقدِّمي الرعاية الصحية، إذ يقول: “نحن لا نتعلم الركض قبل السير، وولاية كاليفورنيا تدفع لنا أموالًا، لكي نتعلم كيفية السير”. ويشير إلى أنه لا يَعتبِر بيكارد منافسة له، موضحًا: “هذه مشكلة صعبة، لم يستطع أحد حلها حتى الآن. أعتقِد أن الأمر سيتطلب منا جميعًا سلوك الكثير من السُبُل؛ لإثبات القيمة الإكلينيكية لهذه التقنية، وأعلنها صراحة أنني أود أن تكون هناك على الأقل 10 فرق أخرى بالكفاءة نفسها لمختبر روزاليند بيكارد، تدرِس جميعها مسألة التنميط الرقمي الظاهري”.
تغيير السلوك
إن بيكارد على يقين من أن التنبؤ بالحالة المزاجية – وإنْ كان يتطلب تدريبًا فرديًّا من جانب مستخدِم يوافق على ذلك – سوف يصبح فنًّا متقنًا، لكن السؤال الحقيقي الذي يطرح نفسه، على حد قوله، هو: هل سيمكن استخدامه للمساعدة في تغيير حالة مزاجية سيئة يُتنبأ بها؟
يتعاون نوك حاليًّا مع عالِم النفس إيفان كلايمان، الذي يعمل أيضًا بجامعة هارفارد، في مهمة بحثية تتمحور حول تشجيع 150 مريضًا على إعادة تقييم الأمور التي ينظرون إليها نظرة سلبية باستخدام تدريبات إعادة التأطير المعرفي. تُفعَّل تلك التدريبات على هواتف المرضى عندما ترصد أجهزة المراقبة المُثبَّتة على معاصمهم إشارات تُنبئ بأفكار انتحارية وشيكة. وبخلاف ذلك، فإن نوك لا يعلم ما يجب فعله بالبيانات، إذ يتساءل قائلًا: “إذا أفادت تنبؤاتنا بأن شخصًا ما معرَّض بشدة لخطر الأفكار الانتحارية، أو يقول هو نفسه إنه حتمًا سيقتل نفسه، فماذا نفعل؟ هل نرسل إليه عربة إسعاف؟ أم نتصل بطبيبه؟ أم لا نفعل شيئًا؟ إنّ الأبعاد الأخلاقية لهذه المسألة بالغة الصعوبة”. ويشير نوك إلى أنه يعلم أن أولئك الذين يشاركون في تجربته يرغبون في تلك التقنية، حيث يقول: “يتحدث المرضى طيلة الوقت عن مدى النفع الذي سيعود عليهم، إذا هم وجدوا نظامًا للتنبيه، أو التوجيه”.
يَعتقِد مورينسي أن الوقت لم يحن بعد، كي يصبح بمقدور أجهزة الكمبيوتر تقديم المشورة بمفردها بشأن الصحة العقلية. وتتضمن أبحاث مورينسي تعليم أجهزة الكمبيوتر كيفية دراسة تعبيرات ولغة الوجه؛ حتى يتسنى لها التوصل إلى ما يجول بذهن شخص ما. ويتعاون مورينسي حاليًّا مع الأطباء النفسيين؛ لإدخال هذه التقنية في أقسام الصحة العقلية بالمستشفيات. والهدف من ذلك هو تمكين تلك الأجهزة من دراسة الأشخاص أثناء تفاعلهم مع الأطباء؛ لمعرفة ما إذا كانت الاضطرابات النفسية موجودة، أم لا. ولا يزال الأطباء هم مَن يقومون بالتشخيص، أمّا تحليل الكمبيوتر، فيقدم تقييمًا مستقلًا، يمكن للأطباء مقارنته بتقييمهم الخاص. يقول مورينسي: “ثمة مخاطر جسيمة يمكن أن تترتب على إسناد مهمة تقديم استشارات خاصة بالصحة العقلية إلى أجهزة الكمبيوتر. إننا نحتاج إلى مزيد من الأبحاث؛ لفهم الأثر طويل المدى لهذه التقنية”.
وهناك مشكلة أخرى كذلك، حسب قول بيكارد، تتمثل في أن الإجراءات الرامية إلى تحسين الحالة المزاجية تختلف باختلاف الأشخاص. ففي إحدى تجاربها، وجدت بيكارد أن مجموعة واحدة من الطلاب الذين كانوا يحادثون أصدقاءهم قبل الخلود إلى النوم كانوا يتمتعون بحالة مزاجية أفضل في اليوم التالي، في حين تعرضت مجموعة أخرى لتأثير معاكس.
يُساوِر باربرا فريدريكسون، وهي عالمة نفس بجامعة نورث كارولاينا في تشابل هيل، القلق من أن عملية التنبؤ بالحالة المزاجية يمكن أن يكون لها تأثير على مشاعر الناس، حيث تقول: “يبدو أن الناس سيولون اهتمامًا كبيرًا – على الأرجح – إلى التنبؤات السلبية بالحالة المزاجية. وبالنسبة إلى البعض، يمكن أن يكون هذا سببًا في إطلاق حالة من الانهيار السلبي العاطفي، الذي يمكن أن يكون مدمرًا بحق”.
أما جاستن بيكر، وهو باحث متخصص في الأمراض العقلية، ويعمل مديرًا علميًّا لمعهد ماكلين للتكنولوجيا في مجال الطب النفسي، الذي يقع في بلمونت بولاية ماساتشوستس، فيقول: “أعتقِد أنه سيصعب علينا تحديد نوعية النصيحة التي يحتاج إليها كل شخص، بالقدر نفسه من صعوبة تحديد الكيفية التي تُقدَّم بها تلك النصيحة إلى ذلك الشخص بطريقة لا تُقابَل بالتجاهل، أو تزيد الأمور سوءًا”.
إنّ بيكارد لديها رؤى عظيمة بشأن التنبؤ الرقمي بالحالة المزاجية. فهي تعتقد أن تلك التقنية يمكن أن تحسِّن صحة عموم الناس، ويمكن أن تفيد الشركات والمؤسسات على وجه الخصوص. وهي تتساءل قائلة: “لماذا لا تزال شركات رائعة كثيرة من تلك النوعية التي تمنح موظفيها كل أنواع الامتيازات المتاحة تفقد العديد من الموظفين الذين يسقطون فريسة للاكتئاب؟ هل يمكننا اكتشاف التحول الوشيك، قبل أن يصير واقعًا؟”، مع أنّ بيكارد لديها مخاوف أيضًا مِن إساءة استخدام تلك التقنية، وترى أنه ربما تكون هناك ضرورة لوضع لوائح تنظيمية جديدة؛ لمنع الشركات، على سبيل المثال، من توجيه إعلاناتها إلى الأشخاص الذين يمكن التنبؤ بحالاتهم المزاجية الجيدة أو السيئة الوشيكة، أو الحيلولة دون قيام شركات التأمين بتحديد الأسعار، استنادًا إلى العلامات والمؤشرات الخاصة بالصحة العقلية لعملائها.
يقول إنسل: “إن بعض الجهات السيئة التي تسيء استخدام هذه التقنية يمكن أن يفسد الفوائد المنتظَرة للمرضى الذين يعانون من مشكلات عقلية خطيرة”. تعمل شركة «مايندسترونج» في الوقت الحالي – على حد قوله – مع مجموعة متخصصة في الأخلاقيات الحيوية بجامعة ستانفورد في كاليفورنيا، وتخطط لنشر ورقة بحثية بشأن تلك المسائل عمّا قريب.
وترى بيكارد أن الجهود البحثية جديرة بالاهتمام. وحسب قولها، فإنّ “الاكتئاب الإكلينيكي غالبًا ما يكون نوعًا من الموت العاطفي البطيء، والمؤلم. وإذا تمكنّا من المساعدة في التعرف على الكثير من الأشياء الصغيرة التي تُثقل كاهلنا بمرور الوقت، وتدفع بنا إلى حالة من الحزن الدائم؛ فيمكننا حينئذٍ أن نصنع فارقًا كبيرًا بحق”.