#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– تخضع الأورام لقواعد الانتخاب الطبيعي، شأنها شأن أي كائن حي. ويحاول الأطباء حاليًّا الاستفادة من هذه الحقيقة في علاج السرطان.
– لقد أدرك الباحثون منذ وقت طويل أن الأورام تتطور. ومع نموها، تنشأ الطفرات، وتظهر مجموعات الخلايا المختلفة جينيًّا، وتصمد الخلايا المقاوِمة للعلاج، وتتكاثر. ويبدو أن الورم يتكيف مع أي دواء يستخدمه الأطباء، مهما كان نوعه. ولطالما وجد العلماء صعوبة في عكس خطوات عملية التكيف هذه، لأن تطور السرطان داخل الجسم يستغرق وقتًا يمتد إلى سنوات. يقول تشارلز سوانتن، الباحث في مجال السرطان في معهد فرانسيس كريك في لندن: «لقد اعتدنا أن نخبر المرضى بأن السرطانات تتطور على الطريقة الداروينية، لكننا لم نملك القدر الكافي من الأدلة؛ لنبرهن على ذلك بصورة رسمية».
– ويوشك هذا الوضع أن يتبدل، فقد تمكَّن العلماء – بفضل التقدم الذي شهدته تقنيات التسلسل الجيني، وبناء قاعدة ضخمة من البيانات والعينات الإكلينيكية – من تكوين صورة أوضح للطريقة التي تتطور بها الأورام السرطانية؛ ليكشفوا عن أسباب مقاومتها للأدوية، وصولًا ـ في بعض الحالات ـ إلى اكتشاف كيفية إبطال هذه المقاومة. ويأمل علماء الأحياء الاستفادة من هذه المعلومات، مسلحين بترسانة ضخمة من العلاجات.
– يقول بارديلي: «لا تتوقف الأورام السرطانية عن التكيف، ولذلك.. علينا أن نتكيف بالمثل». ووفقًا لهذا الاقتناع؛ وجَّه مختبره في العام الماضي نحو التركيز على دراسة تطور السرطان. ونجح فريقه في بناء نموذج يحاكي استجابة سرطان كل من القولون، والمستقيم للعلاجات الموجَّهة التي تقدَّم في صورة أدوية مركَّبة، مما قد يسهم في اكتشاف طرق لإبطال مقاومة خلايا الأورام للدواء. يقول بارديلي: «لدينا الآن بيانات مدهشة حول إمكانية تتبُّع ووقف نمو الأورام».
شجرة الحياة :
تحتضن خلايا السرطان عددًا هائلًا من الطفرات. ففي عام 2012، عندما قام سوانتن وزملاؤه بتحليل تسلسل عدة عينات مأخوذة من شخصين مصابين بسرطان الكلى، وجدوا أن العينات لا تتماثل أبدًا، حتى في الشخص نفسه. ولم يفحص الفريق الورم الأساسي فقط، بل الأورام الثانوية التي تُسمَّى «النقائل» metastases، والتي تنتشر في أجزاء أخرى من جسم المريض. ووجد الفريق في كل من الشخصين أكثر من 100 طفرة في عينات الأورام المتنوعة التي تم تحليلها، ولم يظهر في العينات كلها إلا نحو ثلث هذه الطفرات فقط.
ويمكن رسم خريطة بالعلاقة بين الخلايا السرطانية المختلفة المأخوذة من شخص واحد بالطريقة نفسها التي يرسم بها علماء الأحياء التطورية العلاقة بين الأجناس والأنواع المختلفة؛ أي برسم شجرة تطور السلالات، ورسم أفرعها التي تتبع النسائل؛ وصولًا إلى جد مشترك. ويُلاحظ أن كل خلايا الأورام تشترك في الطفرات التي تحدث في الخلايا الخبيثة الأولى (أي تلك الطفرات التي توجد في جذع شجرة التطور)، أما التطورات التي تنشأ لاحقًا، فلا توجد سوى في فروع الشجرة. وللقضاء على الورم، يقول سوانتن إنه لا بد من مهاجمة الطفرات الرئيسة.
– وتوجد بالفعل علاجات تستهدف الطفرات الرئيسة، وهي غالبًا ما تحقِّق نتائج رائعة في البداية، ثم تتطور المقاومة، كما حدث مع بارديلي. يقول سوانتن: «لقد انشغلنا كثيرًا بفكرة أنه .. «كلما أصبح الورم صغيرًا؛ كان ذلك أفضل»، لكن الشيء الذي لا نفكر فيه هو الشيء الذي نغفله، إذ نغفل في الغالب النسائل المُقاوِمَة التي لا يمكننا علاجها»، ولكنه يفكر في أنه باستهداف عدة طفرات رئيسة في الوقت نفسه، قد تتعزز فرص الباحثين في القضاء على السرطان، لكنها تظل فرصًا ضعيفة، فقد تنجو خلية سرطانية واحدة من هجوم ثنائي أو ثلاثي المحاور.
– تتمثل إحدى وسائل هذا الاستهداف في استخدام مزيج من العلاجات الموجَّهة. يقول بيرت فوجلشتاين، المتخصص في مجال وراثة السرطان في مركز سيدني كيميل الشامل للسرطان بجامعة جونز هوبكنز في بالتيمور بولاية ميريلاند: «نظريًّا، قد ينجح ذلك»، بل إنه عندما تعاوَن مع عالِم الأحياء التطورية مارتن نوفاك في جامعة هارفارد في كمبريدج بولاية ماساتشوستس في وضع نموذج لهذه الاستراتيجية، اكتشف أن استخدام دواءين مُوَجَّهين لا يواجهان آلية مقاوَمة مشتركة، قد يكون كافيًا للسيطرة على النقائل. واقترح النموذج استخدام مزيج من ثلاثة علاجات في حالة المرضى المصابين بعدد كبير من النقائل.
بدأ الباحثون بالفعل يختبرون إكلينيكيًّا مركّبات من العلاجات الموجَّهة. ويشير سوانتن إلى أنه ليست هناك أدوية موجَّهة للغالبية العظمى من الطفرات. وقد ثبت أنه من الصعب الجمع بين الأدوية على نحو لا يؤذي المريض. ولهذا.. يركِّز سوانتن على العلاجات المناعية، وهي استراتيجية لمساعدة المناعة على التعرف على الخلايا السرطانية؛ وتدميرها.
– يتعرف نظام المناعة على التهديدات ـ جزئيًّا ـ من خلال مسح أسطح الخلايا؛ بحثًا عن جزيئات تُسمى «المستضدات»، التي تدل على وجود مشكلة، لكن أحيانًا تشفِّر العيوب الوراثية في الحمض النووي للخلية السرطانية المستضدات المحفزة للاستجابة المناعية. ويدرس سوانتن وزملاؤه ما إذا كان هناك فرق بين استجابة نظام المناعة للمستضدات الناشئة عن الخلايا السرطانية الرئيسة، واستجابته لتلك الناشئة عن الفرعية.
– فقد نُشر فحص سوانتن وزملاؤه عيِّنات من مشروع «أطلس جينوم السرطان» وهو مشروع يضم مجموعة من البيانات الوراثية والإكلينيكية المأخوذة من آلاف المرضى المصابين بالسرطان، واكتشفوا أن المصابين بسرطان الرئة ، الذين كان لديهم الكثير من المستضدات الرئيسية ـ مع نسبة مرتفعة من المستضدات الرئيسة ، مقارنةً بالمستضدات الفرعية ـ عاشوا أطول من الذين كان لديهم عدد أقل من المستضدات الرئيسة ، أو نسبة أعلى من المستضدات الفرعية .. ليس هذا فحسب ، فقد بدأ أن المرضى الذين لديهم العديد من المستضدات الرئيسة يستجيبون بصورة أفضل للعلاجات المناعية. وكان ذلك منطقيًّا، حسبما يقول سوانتن، لأنه إذا استهدف نظام المناعة المستضدات الرئيسة؛ فسيصيب غالبية الخلايا السرطانية، ولن يكتفي بعملية «تقليم بعض الفروع».
– لا تزال الأبحاث في مهدها، ويرأس سوانتن حاليًّا دراسة إكلينيكية قد تساعد في تأكيد نتائجه. تُدعى الدراسة «تتبُّع تطور السرطان خلال العلاج» TRACERx، وهي تتابع 850 شخصًا مصابًا بسرطان الرئة عبر مراحل العلاج، وفي بعض الحالات.. حتى حدوث الوفاة، وتسعى إلى توثيق التغيرات الجينية في أورامهم السرطانية بمرور الوقت؛ لفحص كيفية نمو سرطان الرئة، ومدى تأثير العلاج على عملية النمو هذه.
– ويأمل سوانتن ـ بعد اكتمال جمع البيانات ـ أن يجمع المال الكافي؛ لاختبار استراتيجيات العلاج التي تعتمد على التطور. وتتمثل إحدى هذه الاستراتيجيات في تحديد خلايا المناعة في الورم، ثم إنمائها في المختبر، ثم إعادتها مرة أخرى إلى المريض، وهي تقنية تُعرف باسم «زرع الخلايا المُتَبَنَّاة» adoptive cell transfer. وتختار بعض الاستراتيجيات المماثلة المستخدمة بالفعل خلايا المناعة التي تتعرف على أي مستضدات للسرطان، ولكن فريق سوانتن يفضِّل اختيار تلك المؤهلة للتعرف على مستضدات الأورام الرئيسة التي تحدث في كل الخلايا السرطانية.
– لن تكون تكلفة هذه الاستراتيجية هيِّنة، ولكن لن يكون من الهين أيضًا تقديم سلسلة من العلاجات الموجَّهة، ثم مشاهدتها تفشل جميعها في النهاية. وكما يقول سوانتن: «تكلف كل حصة علاجية ما بين 10 آلاف دولار، و100 ألف دولار أمريكي». وإذا استطاع الباحثون تطوير علاج النقائل؛ «ستتغير معادلة التكلفة والفائدة بالكامل، وستشهد النماذج الاقتصادية تغيرًا جوهريًّا»، حسب قول سوانتن.
تنافس خلوي :
– قد يساعد تطبيق المبادئ التطورية نظامَ المناعة في التغلب على الأورام، لكن روبرت جاتنبي ـ خبير الأورام الجزيئية في مركز موفيت للسرطان في تامبا بولاية فلوريدا ـ كان لديه هدف أكثر تواضعًا، فهو يأمل أن يساعد الناس على التعايش مع المرض. بدأ جاتنبي يفكر في السرطان باعتباره مشكلة تطورية، وذلك في أوائل التسعينات، عندما كان يعمل في مركز «فوكس تشيس» للسرطان في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا. لقد شاهد انهيار العديد من المرضى أمام السرطان، الذي بدا له أقرب إلى السحر الأسود منه إلى المرض العضوي. يقول: «إنه أشبه بكائن شرير، لا ينفك يعاود الظهور، ويبدِّد الجهود المضنية التي بذلتها»، ولكنه يرى أنه عندما بدأ يفكر في السرطان من منظور تطوُّري، أصبحت المشكلة قابلة للحل.
– بدأ جاتنبي محاولة نمذجة المرض رياضيًّا؛ لاكتشاف أفضل الطرق للتعامل معه. وكشفت نماذجه عن أن غالبية المتخصصين في علم الأورام يسلكون النهج الخاطئ. في المعتاد، يوصي الأطباء بأقصى جرعة من العلاج الكيميائي يستطيع أن يتحملها المريض؛ لقتل أكبر عدد ممكن من الخلايا السرطانية، على أمل القضاء على السرطان قبل اكتسابه مقاوَمة للعلاج.
– أمّا الدراسات التي أجريت في السنوات الأخيرة، فقد كشفت أن الأورام السرطانية تحتوي على خلايا مقاوِمة للأدوية، حتى قبل التعرض للعلاج بفترة طويلة 5-7. ويظل عدد هذه الخلايا المقاوِمة قليلًا، لأن المقاوَمة ترتبط بالقدرة على البقاء. وعندما يحصل المريض على جرعة كثيفة من العلاج الكيميائي؛ تزداد الخلايا المقاوِمة قوةً، مقارنةً بالخلايا الحساسة. ويُشبِّه جاتنبي مقاوَمة الأدوية بالمظلة قائلًا: «حينما تمطر السماء، تكون المظلة مفيدة. وحينما لا تمطر، تتحول المظلة إلى عبء». ويرى جاتنبي أنه يستطيع استغلال المنافسة الطبيعية بين الخلايا الحساسة والخلايا المقاوِمة، من خلال التحكم ـ بعناية أكبر ـ في جرعة الأدوية، أو توقيتها.
«لا تتوقف الأورام السرطانية عن التكيف، ولذلك.. علينا أن نتكيف بالمثل».
– اختبر جاتنبي مؤخرًا هذا الأسلوب الجديد مع فئران مصابة بنوعين من سرطان الثدي ، فعندما كان وزملاؤه يعطون الفئران الحد الأقصى من الجرعة القياسية المسموح بها من العلاج الكيميائي «باكليتاكسيل» paclitaxel، كانت الأورام تعاود النمو مرة أخرى فور وقف العلاج. وجَرَّب الفريقُ إغفالَ بعض الجرعات، عندما يبدأ الورم في الانكماش، غير أن ذلك لم يُجدِ أيضًا. وحصلت مجموعة ثالثة من الفئران على الجرعة القياسية العالية من العلاج الكيميائي في البداية، ولكن عندما بدأت الأورام تنكمش؛ بدأ الباحثون يُنْقِصون الجرعة تدريجيًّا. ونجحت هذه الاستراتيجية في تحقيق أفضل نسبة شفاء بين الفئران، وأتاحت لثلاثة من الفئران الخمسة الاستغناء التام عن الدواء. يهدف العلاج إلى التعامل مع الكيفية التي تستجيب بها الأورام، وإلى الحفاظ على التوازن بين الخلايا الحساسة، والخلايا المقاوِمة للأدوية (انظر: استراتيجيات تطورية). يقول كارلو مالي، عالِم الأحياء في جامعة ولاية أريزونا في تيمبا، الذي تعاون مع جاتنبي: «أعتقد أن النتائج التي توصَّل إليها جاتنبي من أهم الاكتشافات في مجال فهْم الطبيعة الحيوية للسرطان، لسهولة تجربتها نسبيًّا».
– في مايو 2015، أطلق مركز موفيت للسرطان دراسة استطلاعية، لاختبار ما إذا كان هذا المنهج التكيفي في العلاج سيساعد المصابين بسرطان البروستاتا، حيث سيراقب الأطباء مستويات مستضد معين في البروستاتا (PSA)، يمثل مؤشرًا على تطور المرض. بعد ذلك.. سيقدمون للمرضى العلاج القياسي، أو يُوقِفُونه بناءً على ما يرونه. وقد درس الباحثون العلاج المتقطع في الماضي، ولكن البروتوكولات كانت تقتضي عامةً دورات علاج شديدة الصرامة. يقول جاتنبي: «تتحدد دورة بدء ووقف العلاج في العلاج التكيفي بناءً على استجابة الورم». ويخطِّط جاتنبي أيضًا للاستفادة من ثراء البيانات الجزيئية والإكلينيكية، التي سيتحصَّل عليها من التجربة؛ لتطوير نماذج حاسوبية تقود العلاج التكيفي في المستقبل.
المفارقة :
– لاحظ الأطباء مفارَقات تطورية أخرى تحدث مع مرضى السرطان. ففي يناير الماضي، وصف جيفري إنجيلمان، الباحث في الأورام الصدرية في مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن، وزملاؤه في دورية «ذا نيو إنجلاند جورنال أوف مِديسين» حالة امرأة عمرها 52 عامًا، مصابة بسرطان رئوي نقيلي. ونتج عن الورم إعادة ترتيب جيني أدَّى إلى إنتاج نسخة مشوهة من بروتين ALK. ولهذا السبب .. أعطاها الأطباء دواء «كريزوتينيب» crizotinib، الذي أوقف عمل بروتين ALK. وكانت استجابة السيدة جيدة لمدة 18 شهرًا، ولكنها انتكست بعد ذلك . وفشل الجيل الثاني من العلاج أيضًا، ولهذا.. انتقل الأطباء إلى الجيل الثالث، الذي لا يزال قيد التجريب الإكلينيكي . وقد نجح ذلك لفترة وجيزة، ولكن بعد أقل من عام، بدأ كبد المرأة يتدهور؛ مما تَطَلَّب احتجازها في المستشفى. واكتشف الأطباء بعد ذلك أن المرحلة الثالثة من العلاج أدَّت إلى حدوث طفرة جديدة، جعلت السرطان يستجيب مرة أخرى للدواء الأول، وعندما بدأت في تناوُله؛ تعافَى كبدها، وتحسنت صحتها كثيرًا، حتى إنها استطاعت مغادرة المستشفى.
– وبالنسبة إلى إنجيلمان وزملائه، كانت استجابة المرأة للدواء من جديد مفاجأة سعيدة. وقد ينجح الباحثون في توجيه السرطان بشكل مقصود عبر مثل هذه المسارات. يُطْلِق جاتنبي على هذه الاستراتيجية اسم «المفارقة التطورية المزدوجة» evolutionary double bind، التي يشرحها كالتالي: تخيَّل أنك تحاول الحَدّ من انتشار مجموعة من الفئران باستخدام طيور جارحة، مثل الصقور التي يمكنها أن تقتنصها من السماء. هذا النوع من الاقتناص سيتيح النجاة للقوارض المختبئة تحت الأغصان. وحينها، ربما يفكر البعض في إحضار ثعابين تختبئ أيضًا تحت الأغصان، وذلك سيؤدي بدوره إلى نجاة القوارض التي تفضِّل المساحات المفتوحة، مما يجعلها معرَّضة للصقور. ويمكن تطبيق الفكرة نفسها على السرطان. استخدِم علاجًا يجعل السرطان ضعيفًا أمام علاج آخر، ثم بادِل بين العلاجين. يقول جاتنبي: «الأمر بعيد تمامًا عن استراتيجية الضربة القاضية، وأشبه ما يكون بطريقة مدروسة جيدًا، تَستثمِر الآليات التطورية».
– ويحاول بِن سولومون ـ الباحث في السرطان في مركز بيتر ماكالوم للسرطان في ميلبورن، أستراليا ـ اختبار هذه الاستراتيجية نفسها في تجربة جديدة. يتعرَّض كثيرٌ من المصابين بسرطان الرئة لطفرات في جين EGFR، وقد تم اعتماد العديد من الأدوية لاستهداف طفراته، ولكن الأورام تكتسب مقاومة لكل هذه الأدوية بلا استثناء. وفي نصف المرضى، تحدث هذه المقاوَمة بسبب حدوث طفرة في جين EGFR، تُسمى T790M. وفي العام الماضي، اعتمدت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية «FDA» دواءً مُوَجَّهًا، يُسمى «أوسِمِرتينيب» osimertinib، يثبط طفرات جين EGFR القياسية، بالإضافة إلى طفرة T790M، ولكن المرضى الذين يستجيبون لهذا الدواء ينتكسون خلال سنة.
ويخطِّط سولومون وزملاؤه لبدء علاج المشارِكين في التجربة باستخدام «أوسِمِرتينيب»، ثم مراقبة المقاومة من خلال تتبُّع الحمض النووي للورم الساري في دماء المرضى. ويتوقع الباحثون رؤية انخفاض في طفرة T790M. وعندما يحدث ذلك؛ سينتقلون إلى علاج مُوَجَّه إلى جين EGFR من الجيل الأول، لا يستهدف T790M. وعندما ترتفع مستويات طفرة T790M؛ سيعودون إلى استخدام «أوسِمِرتينيب» من جديد. يقول سولومون، الذي يأمل في الحصول على الموافقة النهائية على إجراء هذه التجربة قريبًا: «إننا نفترض أن يؤدي ذلك إلى إبطاء ظهور المقاوَمة لدواء أوسِمِرتينيب، لأننا نخفِّف من ضغط الانتخاب».
– ليست هناك ضمانات لنجاح أيٍّ من هذه الاستراتيجيات، ولكنْ حتى عندما تفشل التجارب، نجد أنّ النتائج تساعد الباحثين على إعادة النظر في نظرياتهم، واستكشاف بعض الجوانب المهمة المجهولة. إذًا، كيف تتفاعل الخلايا السرطانية المتنوعة جينيًّا ـ على سبيل المثال ـ وما هو دور الوسط الجزيئي للورم في ذلك التفاعل؟ ترى كورنيليا بولياك ـ الباحثة في الأورام في كلية هارفارد للطب في بوسطن ـ أن الباحثين المتخصصين في السرطان يميلون إلى التركيز على الطفرات داخل الخلايا، لكنهم يتجاهلون تأثير الخلايا الطافرة على ما حولها من خلايا. تقول: «إنه جانبٌ غير مستكشَف على الإطلاق».
– تُعَدُّ التفاعلات داخل الأورام معقدة للغاية، لكنّ ذلك لا يُضْعِف حماس إنجيلمان، وستساعد التجارب الإكلينيكية الباحثين على فك طلاسم هذا التعقيد. يقول إنجيلمان: «تجعلنا هذه الاكتشافات أقرب فأقرب إلى تحقيق إنجازات أكبر فأكبر، لكن الأمر الداعي إلى الإحباط حقًّا هو عدم معرفة حقيقة ما يحدث الآن».
كاساندرا ويليارد