#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية_نبيل فوزات نوفل
– من سوء طالع الشعب العربي أنه ابتلي ببعض الأنظمة التي صنعت في الخارج, ومارست كل أنواع الاستبداد بأشكاله المختلفة فعّم فيها الفساد بأنواعه ومستوياته المختلفة, وتم احتكار السلطة من فئات قليلة طغى عليها الطابع الأسروي أو القبلي بالرغم من تسمياتها المختلفة .. ومع تنامي الوعي الشعبي الذي ترافق مع تفاقم الوضع المعيشي وتفريط الأنظمة بالحقوق الوطنية والقومية وبيعها أوطانها للأجنبي مقابل الحفاظ على كراسيها, فساهمت في الرقص على جثث الفقراء مع قوى العولمة المتوحشة ..
– ولقد حاولت القوى الاستعمارية الإمبريالية خلق الفوضى الهدامة ..
– أي إعادة بناء الأوطان وفق الرغبة الغربية والمشروع الغربي الذي يتفق والمشروع الصهيوني من خلال نشر قيم وثقافة العولمة المتوحشة وجلب أنظمة بديلة مختلفة شكلاً مما سبق لكنها في الجوهر كما الأنظمة البائدة من حيث تنفيذها للمصالح الإمبريالية والصهيونية ، ولو تطلب ذلك الاحتلال والتدمير والغزو العسكري ، ولكن هذه المرة بقرارات دولية تحت ما يسمى الشرعية الدولية واستخدام المنظمات الدولية التي كما نعلم هيمنة القوى الإمبريالية عليها كستار لتنفيذ مآربها ..
– إنها ديمقراطية الدم التي تتم تحت قصف الطائرات وإحتلال البلدان ..؟!
– ووضعها تحت الاحتلال والقتل والتدمير ومصادرة حرية جزء كبير من الشعب لصالح جزء آخر . لقد أصبحت الشعوب طبقات بالنسبة لواشنطن فمن يكون بصفها ويعزف الأغنية التي تطرب قادة البيت الأبيض هو ديمقراطي مهما كانت نسبة تمثيله في شعبه ,إنها مهزلة العصر وانقلاب المفاهيم وضياع القيم الإنسانية , فمن بديهيات الديمقراطية نسبة التمثيل الأعلى , فكيف يسير المجتمع الدولي وراء رأي نسبة قليلة في المجتمع قررت أو طلب منها من قوى خارجية أن تطالب بإسقاط النظام فيهب المجتمع الدولي لنجدتها .. في حين يصم آذانه عن آراء النسبة الأكبر من المجتمع المتمسكة بالنظام مثلاً ؟ ..
– إن الدول الغربية التي تتشدق بالديمقراطية تمارس أبشع أنواع القهر على الشعوب الفقيرة من خلال احتكارها لرغيف الخبز ومساومتها عليه وأخذها أسيرة لشهواتها ، ودعمها لحكومات تمارس فن تجويع الشعب ، وقهره وحرمانه من أبسط حقوقه ..
– إنها ديمقراطية الجوع التي نشرتها واشنطن في العالم .. ولا يغيب عن ذهننا احتكار الولايات المتحدة الأمريكية للقمح العالمي والهيمنة على الدول التي تحتاج هذا القمح , وخير مثال على ذلك ما تفعله في وطننا العربي مع مصر التي رهنت رغيف خبزها للإمبريالية الأمريكية .. وبالتالي سلبت مصر من سيادتها وقرارها الوطني المستقل ..
– إن كارثة الجوع التي تهدد معظم دول العالم وفي مقدمتها معظم الشعب العربي الذي ارتبطت حكوماته بنصائح وتوجيهات توافق واشنطن الذي يأخذ بالخصخصة في كل مجالات الحياة واتباع السياسات الاقتصادية الليبرالية المتوحشة تعود لعوامل كثيرة في مقدمتها :
– تراكم الديون الخارجية على البلدان وعجزها عن تسديدها ، وتقهقر الإنتاج الغذائي لديها .. وانعدام القدرة على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية .. وسياسة التجريف البشري والاقتصادي .. التي تتبعها القوى الإمبريالية الصناعية ضد شعوب العالم .. واتباع هذه القوى نهجاً خاصاً بحيث يزداد المتخلف تخلفاً, وترتفع نسبة الموت جوعاً، وإغراق الأسواق لمعظم الدول بالصناعات الغربية، لتدمير الصناعات الوطنية، وتشجيع ثقافة الاستهلاك , وممارسة الحصار الاقتصادي على البلدان التي لا تسلم رقبتها لتفعل بها ما تشاء ..
– إن الحرية والديمقراطية هي مطلب كل إنسان حر.. ولكنها ليست لها مواصفات صالحة لكل زمان ومكان , وهي ليست بضاعة تستورد ساعة يشاء المجتمع , أنها ذات أبعاد حضارية ، وثقافية ، وتستند إلى القيم الحضارية للأمة ومصالحها القومية , فليست الحرية الفردية هي التي تتنافى وتتناقض مع المصلحة القومية العليا ، وتتنافى مع وحدة المجتمع، وأمنه ، وسلمه الأهلي ، واستقراره فكما نعلم فقد استطاعت قدرات العولمة الثقافية المدعومة بوسائل الاتصال الحديثة اختراق الحدود الثقافية إنطلاقاً من صناعة وترويج الثقافة السائدة ذات الطابع الغربي المؤمرك ، وألغت إمكانات التثاقف والانفتاح الطوعي على المنظومات الثقافية ، عبر آليات التأثر والتأثير المتبادل، لصالح اكتساح واستباحة الفضاء الثقافي ، الذي يعزز قيم الغالب على حساب قيم المغلوب ورؤيته للعالم , ما أدى إلى فقدان اليقين ، وضياع المعنى، وأفول الثقة بالتقدم والمستقبل ، لصالح تكاثر صيغ العبث والعدمية ، والدعوات إلى استقالة العقل ، وانكفائه وتكريس مفهوم الفرد في حد ذاته, واحترام حقوقه المطلقة ، بعيداً عن واجباته ، بغض النظر عن حقوق الآخرين والمجتمع إن الديمقراطية العولمية المتوحشة “ديمقراطية الدم” التي تبنى على القتل والتدمير ، واستباحة المحرمات والمقدسات الإنسانية ، قد سلبت الإنسان من حريته، وأفضت إلى اغترابه عن واقعه , ومجتمعه ، وأوقعته في الاستلاب ..
– هذه الديمقراطية التي جاءت استكمالاً “لديمقراطية الجوع” التي تمارسها واشنطن وتتقن جميع أنواع فنونها ! – إن المطلوب اليوم .. لنصون حريتنا، وديمقراطيتنا ، وعدم الوقوع في الفوضى الهدامة ، ليس تجميل صورتنا بوضع بعض المساحيق عليها لتزينها أو جعلها مقبولة من الآخرين , بل أن نعطي لأنفسنا الفرصة لمراجعة أساليب تعبيرنا عن ذواتنا , وتسليط الضوء الكاشف على أخطائنا، وتقصيرنا في الدفاع عن قضايانا العادلة ، ورؤيتنا لعلاقتنا بالآخرين ، من موقع الاحترام المتبادل ، والاعتراف بحق الاختلاف , وبناء تنمية اقتصادية حقيقية، ترتقي بكل أبناء المجتمع , بعيدة عن “نصائح جهابذة ” البنك الدولي , عندئذ فقط يمكننا النظر إلى ذواتنا والتعبير عن هويتنا الحضارية، وانتمائنا ، دون عقد أو أوهام , وذلك بمقدار ما نتمكن من تملك أهم عناصر القوة في عالم اليوم ، من علوم ، ومعارف، وتقنيات ، وإدارة حديثة , وديمقراطية لمجتمعاتنا ، نابعة من تاريخنا ،وحضارتنا ، ومصالحنا الوطنية , تمكننا من تبوأ مكانتنا اللائقة بين الأمم والشعوب التي لم تكتف بصياغة الماضي الحضاري على عظمته , قدر انشغالها بصياغة ملامح المستقبل .. لنكون فاعلين لا منفعلين في هذه المنطقة ، التي تدور المعركة عليها ، وتحديد ملامحها ,بين القوى المقاومة المدعومة من الشعب العربي وقواه الوطنية والقومية ، وبين القوى الإمبريالية وقواها ومستوطناتها المنتشرة في الوطن العربي ، والتي تريده تابعاً وذيلياً، ومستلباً، ومرتعاً للقوى الاستعمارية ، وقواعده العسكرية ، التي تعيث فيه قتلاً وتدميراً ونهباً لثرواته ..
– إن مواجهة هذه السياسات الرعناء التي تتلذذ في الرقص على جثث الفقراء تتطلب القضاء على الفساد والمفسدين، وتطبيق العدالة الاجتماعية على الجميع، وتطبيق مبدأ المواطنة بالشكل الحقيقي ، بعيداً عن أي حسابات ضيقة , ما يعزز حرية الإنسان ويتيح المشاركة لكل أبناء المجتمع ، ويفسح المجال أمام الأكفاء من أبناء المجتمع لممارسة دورهم الحقيقي بإخلاص وتفانٍ، ويعزز الشعور بالكرامة ، ما يقوي الانتماء والولاء للوطن، ويحصنه أمام العواصف والرواجف والسموم التي يطلقها الأعداء والطامعون .