لماذا خلق الله الشیطان إبلیس اللعین ؟ .. بقلم : سماحة السيد عادل العلوي

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية

بسم الله الرحمن الرحيم :

– كنت معكم أحبّتي في الشهر الماضي في حلقة من حلقات إعرف عدّوك الأول وانتهی الحدیث بنا إلی السؤال التالي : لماذا خلق الله الشیطان إبلیس اللعین ؟

فأجبنا: أوّلاً: للإختبار والإمتحان حتّی یتبیّن الخبیث من الطیّب، والكافر من المؤمن، وتحدّثنا عن هذا الموضوع إجمالاً وإلیك الوجوه الأخری في الجواب .

وثانیاً: إنّ الله حكیم علیم لطیف خبیر، یفعل ما یُرید، ولایفعل القبیح، فإنّه منزّه عن ذلك، سبحان الله عمّا یصفون، ویسأل ولایُسئل، وإنّ الشیطان إبلیس اللعین سأل ربّه هذا السؤال: إنك یا رب تعلم أنّي أعصیك فقال الرّب: بلی، فقال لماذا خلقتني، فأجابه الرّب جلّ جلاله: حكمتي اقتضت ذلك، فسكت الشیطان إذ یعلم أنّ الله حكیم، والحكیم یضع الأشیاء في مواضعها، فلایفعل عبثاً ولا لغواً ولاسهواً ولانسیاناً ولاخطأً، بل یفعل ما فیه الحكمة التّامة فما خلق الشیطان إلّا لحكمه إلهیة، وإلهّ یسأل عباده ولایُسئل عن فعله، فهو القهار ذو الكبریاء والجلال یفعل ما یرید، ولیس للعبد إلّا التّسلیم والرّضا بالقضاء والقدر .

وثالثاً: وإن تسلّط الشیطان علی الإنسان في الجملة أي إجمالاً إلّا أنّه لاتكون سلطنة تامّة بحیث یسلب اختیار الإنسان وحرّیته ، بل مساحة إبلیس هي الوسوسة فقط، بأن یوسوس ویزیّن الفحشاء والمنكرات للإنسان كما دلت الأخبار والآیات علی ذلك .

ورابعاً: مهما كان للشیطان من سُلطة فإن كیده كان ضعیفاً، فلایقدر علی المؤمن الذي یتوكل علی ربّه فعلی الله توكلوا أیّها المؤمنون (إن كید الشیطان كان ضعیفاً) .

وخامساً: لیس لإبلیس وجنوده من الجنّ والإنس السّلطة علی العباد الصالحین والمؤمنین والمتوكلّین علی ربّهم القدیر، فإنّ الشیطان وإن قال (لأغوینّهم أجمعین) الا إنّ الله أجابه (إن عبادي لیس لك علیهم سلطان) وقال عزّوجلّ: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) .

ومن ثم قال إبلیس اللعین ( إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) فتدبّر .

سادساً: إنّ إبلیس اللّعین إنّما یتسلط بوساوسه علی الغافل والذي ینسي نفسه، فلابد للإنسان أن یكون ذاكراً لله، فأذكروا الله كثیراً، ولا ینسی نفسه فینسی ربّه، قال سبحانه: (وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) . وقال عزّوجلّ: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ).

وسابعاً: إنّ الله سبحانه أنذر العباد وأخبرهم وصرّح في كتابه الكریم وفي مواطن عدیدة، إنّ الشیطان هو العدو الأوّل للإنسان، فاحذروه غایة الحذر (وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ).

فالإنسان هو المسوؤل عن نفسه في إتباع الشیطان، فلایلوم الا نفسه، فإنّه مع هذا التّحذیر الإلهي علی لسان رُسله وأنبیاءه وفي كتبه ومع علم الإنسان بذلك، ویعلم أنّ الشیطان عدوّه اللدود ویرید شقاءه واضلاله وأن یدخله النار معه، مع ذلك یتبعه ویطیعه، فالإنسان الغافل هو الذي یسلّط الشیطان علی نفسه بكل اختیاره وحُریّته.

وثامناً وأخیراً: لیس للإنسان إلا ما سعی وأن سعیه سوف یُری، وإنّ الله سلّحه بالفطرة الموحدة، والعقل السلیمه. والأنبیاء والرُّسل وكتب السّماء والآیات الافاقیة والأنفسیّة (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ) فإذا إختار الضلال والشقاء والنار باتباع عدوه الشیطان فلا یلومنّ الأنفسه، (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم) فكيف لانلوم أنفسنا بعد علمنا بعداوة الشیطان، وبعد عهد الله أن لانعیده وأن نكفر به، فإنّه لا سلطان له علینا، وأنّ كیده كان ضعیفاً، فلماذا صرنا أضعف منه؟ وأقل إرادة ولنا ربّ یحمینا ویدافع عنّا إن آمنا به وتوكلنا علیه (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) فنحن في جبهة الحق ضد جبهات الباطل، إن تنصروا الله ینصركم ویثبت أقدامكم والعاقبة للمتقین .

وعلیكم بهذا الذكر العظیم للإستعاذة من شرّ الشیطان الرّجیم .

في مفاتیح الجنان في تعقیبات صلاة الصبح : روی بطرق معتبرة عن الإمام الصادق× تقول قبل طلوع الشمس وقبل غروبها عشر مرات : ( أعوذبالله السمیع العلیم من همزات الشیاطین وأعوذ بالله أن یحضرون إنّ الله هو السمیع العلیم ) .

لو أطاع الانسان عدوه الشیطان وفسح له المجال یتسلط علیه فلا یلومن حینئذ إلا نفسه .

قال سبحانه: «وقال الشیطان لما قضی الأمر … إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا انفسكم»

أیها الأعزاء كیف لانلوم انفسنا المذنبة والعاصیة بعد العلم بعداوة الشیطان ومخاطره وقد عاهدنا الله سبحانه .