#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية_نبيل فوزات نوفل
هل أصبح العرب بحاجة إلى “خيط أوريان ” للخروج من نفق الضياع .. ؟
بقلم : نبيل فوزات نوفل الكاتب والباحث والمفكر الإستراتيجي ..
جاء في الإلياذة والأوديسة / لهوميروس/ أن الأميرة / أوريان/ ابنة / مينوس/ ملك كريت .. وقعت في حب / تيزيه / الذي قدم إلى كريت ليقتل ذاك الوحش المخيف الذي له جسم إنسان ورأس ثور، ويتخذ من لحوم البشر غذاء له يشبع به نهمه, وعندما أراد / تيزيه / دخول المتاهة التي كان يختبئ الوحش فيها, خشيت عليه الأميرة من الضياع فأعطته مكوكاً لفت عليه خيطاً طويلاً أخذ يمدّه على الأرض كلما توغل في المتاهة ,وهكذا استطاع تلمس طريق العودة بعد أن أنهى مهمته وقضى على الوحش , وأصبح يقال لكل من دخل في مأزق ونفق مظلم أنه بحاجة لخيط / أوريان/ كسبيل للخلاص من المأزق الذي يقع فيه . إن ما أورده /هوميروس/ يذكرنا بواقع أمتنا العربية ،التي دخلت في نفق الضياع، والتمزق، والضعف ،والجهل، والظلامية. وأصبحت أسيرة القوى الإمبريالية والصهيونية، والمرتزقة من أبنائها، الذين خانوها وغدروا بها، وارتضوا دو العبيد على موائد القوى الاستعمارية ، فدخلت الأمة في نفق مظلم يشبه النفق الذي دخله تيزيه, ومقاومتها اليوم تقوم بدور / تيزيه / فهي تريد قتل الوحش الإمبريالي التلمودي المحروس من كلاب الظلاميين والمرتزقة ، والسبيل لذلك هو خيط وحدتها وعروبتها ، ومد يد أبناء الأمة الشرفاء إليها من خلال إعطائها مكوك الدعم الشعبي الذي أن تمسكت به أنقذت نفسها من الضياع في نفق الموت، وهو السبيل لعودتها سالمة غانمة من صراعها مع قوى الشر والهمجية . إن القوى الاستعمارية عملت على تجميع كل المجرمين والقتلة ومهربي المخدرات ،والشاذين أخلاقياً ،والخارجين على القانون في بلادهم الأوروبية ،وأذنابهم في دويلات الخليج العربي وتركيا وبعض البلدان العربية والإسلامية التي تعشش فيها كهوف الظلام ، فأخرجتهم من السجون ، وأرسلتهم إلى سورية ، بهدف الخلاص وتنظيف بلدانهم منهم من جهة , وتدمير المشروع القومي العربي المقاوم في المنطقة والتي تمثل سورية قلعته وحاضنته من خلال نظامها العروبي من جهة أخرى، محاولين تكرار ما فعلوه في مطلع القرن العشرين مع يهود العالم ، بجلبهم إلى فلسطين ،بهدف تحقيق هدفين بآن واحد وهما :
1- منع قيام وحدة عربية بين أبناء الأمة العربية وفصل مشرق الوطن العربي عن مغربه, وإبقائه في حالة نزيف دائم ..
2- الخلاص من اليهود في أوروبا وهيمنتهم على مقدراتهم وخيراتهم .وذلك تحقيقاً لوعد بلفور المشؤوم في الثاني من تشرين الثاني 1917 .. لقد بين قادة الأمة ، ومفكروها ، ومثقفوها المخلصون عبر التاريخ ، إن خلاصها في وحدتها ، وتمسكها بعروبتها المتجددة المقاومة , وتشبثها بقيمها العربية الأصيلة ..
وإن بناء الأوطان يقوم على: العدل، و الصدق ،والإيثار، والتضحية , والإيمان بالحفاظ على وحدتهم وتماسكهم بعيداً عن التمييز والتفرقة وتحقيق المواطنة والمواطنية الحقيقية في الوطن ، والتمسك بوحدتهم الوطنية وانتمائهم القومي واعتباره رباطهم المقدس ,فكما تقول الفلسفة البوذية :
– كل ما نحن عليه هو نتيجة تفكيرنا ، وأساسه مبني على تفكيرنا, كما أن قوامه هو تفكيرنا ، ومن الخير يجب أن يأتي الخير، ومن الشر يجب أن يأتي الشر ، لذلك علينا امتلاك العزم الصحيح ، والقول الصحيح ، والسلوك الصحيح، والعمل الصحيح ،والجهد الصحيح، والتفكير الصحيح ، والتركيز الصحيح، للوصول لتحقيق أهدافنا في وقف معاناة أمتنا من الأمراض التي تعاني منها حالياً , ونؤكد ما ذهب إليه المفكر العربي الجزائري مالك بن نبي بقوله: ” فلا يكفي أن ننتج أفكاراً , بل يجب أن نوجهها طبقاً لمهمتها الاجتماعية التي نريد تحقيقها ، فثقافتنا لا تعرف مثلها العليا, وفكرتنا لا تعرف التحقيق. إن ما ينقصنا ليس منطق الفكرة بل منطق العمل والحركة, فإنساننا لا يفكر ليعمل، بل ليقول كلاماً مجرداً ” ، وبالتالي علينا الإيمان بأن الوطن وعد وعهد، وليس فندقاً ومكاسب وإغراءات , ليس حقيبة سفر , ليس للبيع وليس للشراء , كما ينظر إليه اليوم حكام الخليج العربي ، وبعض الأنظمة صنيعة الإمبريالية العالمية ، والمرتزقة والانتهازيين , هؤلاء الذين خاطبهم ذات يوم الشاعر العربي الفلسطيني سميح القاسم : بقوله :
يا كلب صيد الكرش والغليون يا سمسار ناطحة السحاب يا حارس النفط المدلل بين أحضان الذئاب !؟
جعلوا شراييني أنابيباً لبترول الغزاة القادمين من الضباب وشخّص حالهم الروائي العربي السوري هاني الراهب : بقوله : “ قال لهم كتابهم اِقرأ , وقال لهم نبيهم اطلبوا العلم ولو في الصين , فقرؤوا الإعلانات عن المباغي, وطلبوا النساء والسيارات والخمرة والقمار من آسيا وأمريكا وأوروبا .. “ إن المطلوب اليوم لنصون أوطاننا، وعدم الوقوع في الفوضى الهدامة ، ليس تجميل صورتنا بوضع بعض المساحيق عليها لتزيينها أو جعلها مقبولة من الآخرين , بل أن نعطي لأنفسنا الفرصة لمراجعة أساليب تعبيرنا عن ذواتنا , وتسليط الأضواء النقدية الكاشفة على أخطائنا وتقصيرنا في الدفاع عن قضايانا العادلة وبما يمكننا من النظر إلى ذواتنا والتعبير عن هويتنا الحضارية وانتمائنا دون عقد أو أوهام , وذلك بمقدار ما نتمكن من تملك أهم عناصر القوة في عالم اليوم من علوم ومعارف وتقنيات وإدارة حديثة وديمقراطية لمجتمعاتنا تمكننا من تبوأ مكانتنا اللائقة بين الأمم والشعوب التي لم تكتف بصياغة الماضي الحضاري على عظمته , قدر انشغالها بصياغة ملامح المستقبل .. لنكون فاعلين لا منفعلين في “الشرق الأوسط” القادم الذي تدور المعركة عليه وتحديد ملامحه وبين القوى المقاومة المدعومة من الشعب العربي وقواه الوطنية والقومية، وبين القوى الإمبريالية وقواها ومستوطناتها المنتشرة في الوطن العربي والتي تريده تابعاً ،وذيلياً، ومستلباً ، ومرتعاً للقوى الاستعمارية وقواعده العسكرية التي تعيث فيه قتلاً ، وتدميراً ، ونهباً لثرواته .. وليعلم الجميع إن نتائج الحرب على سورية هي من يحدد مستقبل المنطقة والأمة العربية ، فانتصار سورية يعني انتصار للعرب وكل الشرفاء في العالم ، فلا مستقبل للعرب من دون سورية القوية المنتصرة .. والتي قاربت على إعلان انتصارها،لأنها تملك شعباً امتلك خبرة كبيرة في مقارعة الاحتلال والمحتلين ولديه حضارة عمرها آلاف السنين , ونسيج اجتماعي متماسك , وقادة عظام تركوا بصماتهم على تفكير شعبهم , فصنعوا ثوابت , يجمع عليها السوريون جميعاَ , وهي السيادة والاستقلال ، والكرامة ، والوحدة الوطنية ،والعروبة ،وعدم التنازل عن ذرة من تراب الوطن , وتملك شخصيات وطنية , تستطيع كشف كل ألاعيب القوى الاستعمارية , تشكل صِمام أمان يقي الوطن من كل سموم الأعادي , ولها حلفاء أوفياء في العالم ، مقاومين بإخلاص للهيمنة الإمبريالية ، وعلى رأسهم روسيا وإيران ، وحزب الله .