#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية_نبيل فوزات نوفل
– منذ الثاني من تشرين الثاني عام 1917 ، يوم أطلق الوزير الصهيوني البريطاني/ بلفور/ وعده لليهود بإعطائهم وطناً قومياً في فلسطين والعرب لم يستطيعوا تحقيق رؤية واحدة موحدة لمقاومة هذا السرطان الذي زرع في جسد الأمة فبالرغم من مرور سنوات عديدة على الصراع العربي الصهيوني، وتعرض العرب للمؤامرات من قبل القوى الإمبريالية العالمية ، وعلى الخداع والنفاق والمشاركة العلنية والسرية للعدو الصهيوني في عدوانه المستمر على الأمة العربية ، إلا أن العقل السياسي العربي قد وقع في عملية تضليل دائمة ،ولم يستطع الخروج من حالة الاستلاب التي وقع فيها في تعاطيه مع قضيته الأساسية ، وحشوه بأوهام وأكاذيب اختلقتها الإمبريالية الصهيونية التلمودية ، وانسجم بذلك مع رؤية الاستعمار التي جوهرها أنه لابد من احتلال العقول إلى جانب احتلال الأرض ،وبقدر السيطرة على العقول يمكن المكوث في الأرض ،والتمتع بنهب ثرواتها . ومما يؤسف له أن معظم العقل السياسي العربي عجز عن اكتشاف المؤامرة الكبرى، و لم يستطع قراءة الهزائم التي لحقت بالأمة ، ولا قراءة الانتصارات التي صنعتها خلال مسيرتها ونضالها ضد القوى الطامعة بها عبر التاريخ , وتجلى ذلك من خلال: الفصل بين القوى الإمبريالية العالمية، والكيان العنصري الصهيوني ،حيث وصل الأمر بالبعض من العرب والمسلمين إلى عدم القبول بوجود مؤامرة استعمارية على العرب، وأن الدول الاستعمارية لا تتدخل بالشؤون الداخلية للبلدان العربية .. ولقد نجحت القوى الاستعمارية في ذلك من خلال نجاحها في تصنيع معظم الأنظمة القطرية العربية ،من إمارات، ومشايخ، وممالك ، وجمهوريات صنعت في أقبية المخابرات الغربية ،لتسلم مقادير البلاد العربية للقوى الرأسمالية العالمية ،ومحاربة كل قوى التحرر الوطني والفكر القومي العربي وجوهره العروبة ،وتغذية أفكار التجزئة ، والطائفية ،والإثنية والأنانية ، ونشر ما يدمر وحدة المجتمعات العربية وقيمها العربية الأصيلة، وتعميم فكر العدمية. والمدقق في السياسة الإمبريالية التلمودية يجد أنها تعمل دائماً على تحرير العرب من القضية الفلسطينية , وإلغاء الطابع القومي عن الصراع مع الكيان الصهيوني ،وتعزيز النزعة القطرية لدى معظم الحكومات العربية التي أدت إلى نجاح القوى الاستعمارية في عدم ربط النفط بالقضية الفلسطينية،خاصة بعد أن أثبت سلاح النفط دوره وجدواه في المعركة، والتي تجسد في السادس من تشرين الأول في حرب تشرين التحريرية عام 1973.. حيث استطاعت الدبلوماسية الأمريكية إقناع أصحاب الحقول النفطية العربية بفصل النفط عن الصراع الدائر في المنطقة, ودعم تمويل نخب محلية تتمثل مهمتها في إشاعة ثقافة الانعزال ،و تكريس شعار القطر أولاً, كمصر للمصريين، والأردن أولاً ، ولبنان أولاً ، واستقلالية القرار الفلسطيني المستقل ، وغير ذلك. كما أنها طرحت الصراع العربي الصهيوني باعتباره عبئاً على التنمية الوطنية , وترى في السيادة والاستقلال مفاهيم بالية لن تصمد في وجه العولمة الزاحفة .. فما زال الموقف الرسمي العربي لمعظم الدول العربية تحكمه النظرة الأنانية ، فيتحدث بالثانوي على حساب الرئيسي , وبالمؤقت على حساب الدائم , وبالتكتيكي على حساب الإستراتيجي , وبالخارج على حساب الداخل ، وبالهامشي على حساب المحوري .. كل هذه السياسات هدفت إلى إدخال العرب في الخانة الصهيونية التلمودية والأوروبية الأمريكية ، إلى جانب تحكم القوى الإمبريالية بالمؤسسات والهيئات الدولية ،أو الضغط على الدول العربية عبر مجلس الأمن من خلال استصدار قرارات تمس بقدرتها على التحرك السياسي، وفرض عقوبات تضعف من قدرتها على المواجهة ، وتمهد الأرضية المفترضة لتحريض النقمة الشعبية . ولعل المرحلة الأخطر في تآمر هذه القوى هي العمل على تحرير العرب من العروبة, وهذا ما جاهر به جون كيلي , عندما كان مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط لدى دخول القوات الأمريكية وحلفائها الأرض العراقية في المرة الأولى سنة 1991, إذ قال : ” اليوم سقطت العروبة والعرب, اليوم انتهت العروبة إلى الأبد,من يرد أن ينقذ رقبته من العرب عليه أن يعبر بوابة وحيدة هي التخلي عن انتمائه العربي”.!! وتعمل القوى الإمبريالية والصهيونية على تكريس وتسويق ثقافة القنوع والخنوع , والمتمثلة بأنه لا قدرة للعرب على المواجهة, وإذا أرادوا التقدم والاستمرار في الحياة ما عليهم إلا الاختباء تحت العباءة الأمريكية ، والتخلي عن مواجهة الكيان العنصري الصهيوني , والتطبيع معه والاعتراف به ،دون أن يعيد الحق العربي , كونه على حد زعمهم ليس العدو للأمة العربية, بل هناك عدو آخر مثل إيران والقوى المقاومة وغير ذلك ، علماً بأن إيران هي في مقدمة الدول الداعمة للشعب العربي الفلسطيني وللقضية الفلسطينية ، منذ قيام ثورتها عام 1979 .. كما تعمل القوى الإمبريالية التلمودية على زيادة القواعد العسكرية في المنطقة ،وخاصة في دويلات الخليج العربي ، وتجويع الأمم والشعوب وفي مقدمتها وطننا العربي. وبذلك, انتقلت من استعمال القنبلة الذرية وأسلحة التدمير الشامل إلى الحروب الغذائية التي يتم فيها التحكم بلقمة عيش الناس ، ومصادرتها,حيث يأتي على رأسها القمح والمواد الغذائية الأخرى. والعمل على قولبة اتجاهات الرأي العام , وزرع عقول الناس بجملة من الأوهام والتلفيقات المؤيدة للكيان العنصري الصهيوني وذلك من خلال: توسيع إشكالية الصراع العربي الصهيوني , وتجلى هذا التوسع في تنصيب شرعي مصطنع لقيادة فلسطينية تتحدد مهمتها فقط في تنفيذ “خطة الطريق” التي خطتها الإدارة الأمريكية , بقلم الطغمة التلمودية المحتلة للأراضي العربية,وأمرُ الحكام الطائعين والمذعورين في الأقطار العربية للعمل على تسويق الأفكار والسياسات الصهيونية , وصولاً لتحقيق المشروع الصهيوني في القضاء على القضية الفلسطينية,وتلويث الحس الشعبي الوطني والقومي, ذلك الحس المطالب بالعودة وتحرير القدس والأراضي العربية المحتلة , وتشويه منظور طبيعة عقيدة التحرر العربي ، وسلب الشعب العربي من قوة صمود بقائه المميزة عبر الزمان وذلك من خلال : إرهاص أي نظام حكم عربي متمسك بمعايير وطنية, أخلاقية حضارية عربية بشتى الضغوطات السياسية والعقوبات الاقتصادية والعزل الدولي ,والتهديد العسكري .. وابتكار تجمعات وتكوين منظمات وإرساء مؤسسات يكون همها تحريك مشاعر المجتمعات العربية باتجاه أفكار التطوير الشكلية. ولكن بالرغم من كل ما حققته القوى الاستعمارية وقواها المتآمرة على القضية الفلسطينية،إلا أن أبناء الأمة العربية والشعوب الإسلامية والغالبية العظمى من الشعب العربي ما زالت متمسكة بحقها ، وان أبناءها الأحرار اختاروا التمسك بجوهر الصراع والأخذ برأي الجماهير ولم يصابوا بالعمى السياسي الذي أصيبت به معظم الحكومات العربية ، وعلى رأسها مشيخات الخليج العربي ، وبعض مدعي الثقافة والفكر الذين باعوا أنفسهم لأعداء وطنهم ، وأصبح رأي الجماهير وخيار الأمة هو خيار المقاومة التي أثبت جدارته عبر التاريخ. إن إرادة الشعب هي الأقوى والمنتصرة، وهذا ما يثبته شرفاء الأمة اليوم،في ذكرى الوعد المشؤوم، ويعلنون أن القضية باقية في وجدان وضمير أبنائها، من الفلسطينيين والشرفاء من ابناء العرب والمسلمين ، وأن الأجيال الشابة متمسكة بقضيتها ، ولن تستطيع كل أنواع التضليل أن تمحي من الذاكرة الشعبية فلسطين ، وحق العرب فيها ، وأن شعبنا وفي المقدمة منهم الفلسطينيون لن يتخلوا عن أرضهم وحقوقهم ، وستبقى جذوة المقاومة متقدة حتى تتحرر كل الأراضي العربية المغتصبة ، وفي مقدمتها فلسطين، وإعادة الحقوق المشروعة كاملة غير منقوصة .