#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
ديما محبوبة
– تصف العشرينية خلود العسلي بأنها “غير محظوظة”، كما أنها “فتاة مقهورة”، كتب عليها أن تكون الوحيدة بين صديقاتها التي تعيش وحيدة بلا أسرة، حيث تعيش مع جدتها منذ طلاق والديها.
تقول العسلي إن والديها انفصلا عن بعضهما قبل ثمانية أعوام، جراء خلافات كثيرة بينهما، سيما أن والدها يعمل في إحدى دول الخليج لتوفير حياة كريمة للأسرة.
وتتابع العسلي “أمي لم تحتمل هذه الحياة كون والدي بعيدا ولم تستطع تحمل مسؤوليتي ومسؤولية البيت وحدها”، مضيفة “عندما كبرت وصارت لي احتياجات ومتطلبات باتت أمي تشكو لوالدي كل صغيرة وكبيرة والخلافات تكبر بينهما لينتهي الأمر بطلاقهما”.
ما آلم العسلي أنها شعرت أن “الطلاق حدث بسببها كون أمها دائما ما تردد أنها لا تحتمل مسؤوليتي وحدها”.
وما أثر في نفسية العسلي أن والدتها، وفق قولها، تخلت عنها وفضلت أن تتزوج
وتضيف بأنها تكره نفسها، خصوصا بعد تخلي والدتها عنها وتفضيل الزواج الثاني ما جعلها تسكن عند جدتها.
يعتبر انفصال الوالدين، تجربة صادمة ومؤلمة أحيانا للأبناء، سواء كان الطلاق متوقعا أو مفاجئا. وفي بعض الحالات، قد يشعر الأبناء بأنهم السبب في حدوث هذا الانفصال.
ويرى مختصون بأن على الأبناء أن يتأكدوا بأن وقوع الطلاق أو الانفصال “ليس خطأهم على الإطلاق، وما هو إلا نتاج مشاكل بين الزوجين لا علاقة للأبناء بها”.
اصرار سيف جمال (23 عاما) من الزواج من الفتاة التي يحبها رغم رفض والده، كان سببا في وقوع الطلاق بين والديه.
السبب كما يقول سيف هو وقوف والدته بجانبه ومحاولة اقناع والده بالفتاة التي يرغب بالارتباط بها، غير أن الأب رفض رفضا قاطعا ومع ازدياد الشجارات وتفاقم المشاكل بينهما، قام والده بطلاق والدته، لأنه كما يرى “لم تفلح بتربية ابنه وتجاريه بكل ما يريد”.
سيف يشعر بالذنب كثيرا اتجاه والدته، خصوصا أنه حاول اقناع والده مرارا وتكرارا بالرجوع عن قراره لكنه رفض، وما يوجع قلبه هو رؤيته دموع امه لا تجف ليل نهار.
غير أن محمد عبد الحق يبين بأن هناك أزواجا يفكرون فقط بأنفسهم، وكأنهم يعيشون لأنفسهم وليس لأجل العائلة، يقول “والدي قرر الانفصال عن أمي لأنه لم يعد يحبها ولا يستطيع العيش معها، فهي كثيرة الشكوى، وكأن قراره وحده من دون مشورتنا أو حتى السعي لحل هذه المشكلة، ففي كثير من الأحيان أحاول أن أفكر بعقلي وأكون عاطفيا فأمي وأخواتي البنات لا ذنب لهن كي يعانين من هذا الانفصال”.
ويبين اختصاصي علم النفس د. محمد مصالحة أن هناك الكثير من المشاعر التي سيمر بها من ذاق هذه التجربة المريرة، وأولها الصدمة، خاصة إذا لم يكن حدوث الطلاق متوقعا. وكذلك الغضب وربما يكون موجها للوالدين سخطا على هذا القرار، أو على الجميع وهو كرد فعل عما يجري حوله وما يصيب الأبناء من مشاعر حزن.
ويبين مصالحة أن هناك الكثير من الأبناء يشعرون بالذنب وكأن حدوث الطلاق كان خطأهم، وغيرهم يشعر بالقلق حيال المستقبل، ومن الذي سيقوم على رعايتهم والاهتمام بهم.
وينظر مصالحة بأن هناك أبناء يصفون أنفسهم بالمضطربين بعد اتخاذ والديهم هذه الخطوة وكذلك الخوف من اختلال العلاقة بين الأبناء وأحد الوالدين.
أما عن التصرف السليم بعد وقوع الطلاق فيبين الأسري أحمد عبد الله بأن على الأبناء في هذه الحالة عدم الانحياز لطرف على حساب الآخر، وإذا حاول أحد الطرفين إقناعه بالانحياز إليه، عليهم إخبارهم بأنه لا يرغب في ذلك.
فهو بحاجة كي يكون ابنا او ابنة صالحة ومتصالحة مع نفسها وجود الأب والأم على حد سواء في حياته من دون خدش الآخر وكأنه يعيش لأجل طرف من الطرفين.
وينصح عبد الله فيقول “من الصعب” تدبير الأبناء أمورهم في بداية الأمر وخصوصا عندما يكونون صغارا في العمر قليلا، وخصوصا فكرة التنسيق بين الوالدين لوجود مناسبة خاصة له مثل النجاح في المدرسة أو عيد الميلاد وحتى عند الكبر كالتخرج والزواج، واضطرار الوالدين حضور هذه المناسبة، فبعض الأزواج يشعرون بالحرج من التواجد في مكان يتواجد فيه الطرف الآخر، الذي انفصلوا عنه.
ويلفت عبد الله إلى أن من الواجب على الابن تقسيم وقته لتواجده في منزل أبيه ومنزل أمه، ولذلك يجب الاهتمام بالطرف البعيد قليلا عن المعيشة فإن كان الابن أو الابنة يعيشون مع أمهم عليهم ألا ينسوا أباهم والعكس.
في حين تبين التربوية رولا أبو بكر بأن الأبناء الذين يتعرضون لطلاق والديهما يكونون أكثر قلقا على مستقبلهم وحياتهم ولأجل تخفيف حدة التفكير في ذلك لا ضير من جلوس الأبناء مع الوالدين مجتمعين إن أمكن او منفصلين والتحدث بشأن هذه المخاوف وتبديد قلقهم بان الطلاق يمكن أن يدمر مستقبلهم على سبيل المثال، والتوصل إلى حل مناسب.
وتؤكد أبو بكر أنه أحيانا التوصل للطلاق يجعل الأبناء يعتقدون بأن حياتهم تعطلت وأن عليهم التعامل فقط مع مشاكل ذويهم والعمل على حلها إن وجد.
لكنها تبين أن على الأبناء مواصلة حياتهم مع التفكير في مشاكل ذويهم والسعي على حلها إما لرجوعهما مع بعضهما والعيش معا، أو لتقبل الآخر مما يسهل عيش الأولاد بتوازن نفسي وعاطفي.
وتلفت إلى أن على الأبناء التعايش مع الجديد دائما وعدم التوقف، والعمل مثلا على ممارسة الأشياء التي يحبونها، وممارسة الأنشطة والهوايات المفضلة لديهم.
وإن كان الأبناء كبارا لا ضير من تقبل الطلاق بطريقة سلسة رغم قسوته، فالطلاق ممكن أن يرجع السعادة والحياة بسلام لكلا الوالدين، وان هذه التجربة القاسية ربما تجعل من الشخص أقوى وأكثر متانة أمام صعاب الحياة.