– عن الإمام الصادق عليه السلام : “من أخرجه اللَّه من ذلّ المعاصي إلى عز التقوى، أغناه اللَّه بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وانسه بلا بشر”.
وعن الإمام الباقر عليه السلام : “إن أهل التقوى هم الأغنياء، أغناهم القليل من الدنيا فمؤونتهم يسيرة”.
التقوى : لغة وشرعاً
توقّى واتّقى بمعنى (واحد). وقد توقّيت واتّقيت الشيء وتقيته وأتقيه وتقاء: حذّرته… والاسم التقوى .. قوله تعالى: ﴿هو أهل التقوى وأهل المغفرة﴾ .. (المدثر:56) أي هو أهل أن يتقى عقابه، وأهل أن يعمل بما يؤدي إلى مغفرته ورضوانه.
فالتقوى لغة تعني الحذر، فتقوى اللَّه تعني الحذر والخوف من اللَّه، والحذر من اللَّه يعني اتباع ما يرضيه واجتناب ما يسخطه، وهذه هي التقوى حسب المرتكزات الشرعية.
التقوى تعني أمرين
الأول: الاتيان بما يصلح الإنسان من خلال الإلتزام بأوامر اللَّه.
الثاني: الامتناع عما يضرّ الإنسان من خلال الانتهاء عن نواهي اللَّه.
وكلاهما يساعدان على بعضهم بعض، فكلما أطاع الإنسان اللَّه من حيث الأوامر كلما ساعده ذلك على الانتهاء عن النواهي، والعكس صحيح 4 .
والتقوى (خوف اللَّه والحذر منه) فرع الإيمان باللَّه وبالآخرة (حيث العقاب والثواب)، فكلّما كان إيمان الإنسان أقوى، كلما كان خوفه من اللَّه والحذر منه أقوى، مما ينعكس على سلوك الإنسان، فيصبح مستقيماً صالحاً.
فالمطلوب لكي تتحقق صفة التقوى في الإنسان، أن يؤكِّد صفة الإيمان باللَّه وبالآخرة في قلبه.
وهذا المعنى أي ترتب التقوى على الإيمان باللَّه وبالآخرة نراه في الآية الكريمة: ﴿الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ .. (البقرة:4-1).
التقوى في القران ( نماذج ) ..
• دعوة إلى تقوى اللَّه
﴿ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ .. ( البقرة:196) .. ﴿ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ .. ( البقرة:203 )، ﴿ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ ﴾ .. (البقرة:223)، ﴿وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾(البقرة:231)، ﴿وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾(البقرة:233)، ﴿وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ .. (المائدة:7).
• التقوى فرع الإيمان (لا يكفي الإيمان)
﴿قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ .. (المائدة:112)، ﴿يا أيها الذين امنوا اتقوا اللَّه وابتغوا إليه الوسيلة﴾ .. (المائدة:35).
• لا تكفي الصلاة والعبادة
﴿وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾(الأنعام:72)، ﴿وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ﴾ .. (العنكبوت:16).
• من ثمرات التقوى
﴿يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً﴾(الأنفال:29)، ﴿وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ﴾ .. (البقرة:282) .. ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ .. (الطلاق : 2) ..
• ما يساعد على التقوى
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾(البقرة:21).
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾(البقرة:183).
﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾(البقرة:179).
﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾(البقرة:187).
﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ .. (الزمر:27-28).
• من صفات المتقين :
﴿لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ .. (البقرة:177).
• لا تكتفوا بالحدِّ الأدنى من التقوى
﴿اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ .. ( آل عمران:102).
• إن أكرمكم عند اللَّه أتقاكم
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ .. (الحجرات:13).
• المتقون في الآخرة :
﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ .. (الذاريات:15) .. ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ* َذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ*مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ *لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾ .. (ق:31-35) .. ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ﴾ .. (الطور:17-20).
التقوى في الأحاديث
• تفسير التقوى
عن الإمام الصادق عليه السلام لما سئل عن تفسير التقوى، قال: “إن لا يفقدك اللَّه حيث أمرك، ولا يراك حيث نهاك”.
عن الإمام علي عليه السلام “المتقي من اتقى الذنوب”.
وعنه عليه السلام: “عند حضور الشهوات واللذات يتبين ورع الأتقياء”.
وعنه أيضاً عليه السلام: “رأس التقوى ترك الشهوة”.
• من ثمرات التقوى
عن الإمام علي عليه السلام: “سبب صلاح الإيمان التقوى”.
في وصية الخضر عليه السلام لموسى عليه السلام: “أشعر قلبك التقوى تنل العلم”.
وعنه عليه السلام: “هدي من اشعر التقوى قلبه”.
وعنه أيضاً عليه السلام: “التقوى غاية لا يهلك من اتبعها، ولا يندم من عمل بها، لأن بالتقوى فاز الفائزون، وبالمعصية خسر الخاسرون”.
• موانع التقوى
عن الإمام علي عليه السلام: “لا يفسد التقوى إلا غلبة الشهوة”.
عنه عليه السلام: “حرام على كل متولّه بالدنيا أن يسكنه التقوى”.
عنه أيضاً عليه السلام: “لا يستطيع أن يتقي اللَّه من خاصم”.
• ما يساعد على التقوى
عن الإمام علي عليه السلام: “التقوى ثمرة الدين، وأمارة اليقين”.
عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: “لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً لما به بأس”.
رسول اللَّه في وصيته لأبي ذر “لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك لشريكه، فيعلم من أين مطعمه، ومن أين مشربه، ومن أين ملبسه، أمن حلّ ذلك، أم من حرام”.
عن الإمام علي عليه السلام: “رأس العلم التواضع، ومن ثمراته التقوى، واجتناب الهوى، واتباع الحق، ومجانبة الذنوب..
وعنه عليه السلام: “واللَّه ما أرى عبداً يتقي تقوى تنفعه حتى يخزن لسانه”
نسألكم الدعاء.